في زمن تتساقط فيه المبادرات وتفشل الوساطات، وبينما تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في سحق كل ما هو حي في غزة، بدعم أمريكي مطلق، يقف العالم عاجزًا أمام مشهد دموي بات مألوفًا، لكنه لا يُغتفر.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هو الحل حين لا تنجح الوساطات، وتغلق الدبلوماسية أبوابها؟ وهل من طريق للخلاص في ظل هذا التحالف المدمر؟
الإجابة لن تأتي من غرف الاجتماعات الرسمية، بل من العقول التي تؤمن أن لكل ظلام بصيص ضوء إن أُحسن إشعاله.
تفكير خارج الصندوق: حين لا يكون التقليدي مجديًا.
لكسر دائرة القتل والإفلات من العقاب، يجب الانتقال من محاولة إقناع القاتل بوقف القتل، إلى فرض واقع لا يستطيع الاستمرار فيه. كيف؟ عبر أدوات غير تقليدية:
1. تحالف الشعوب لا الحكومات:
إطلاق تحالف دولي من المثقفين والناشطين والمبدعين حول العالم، لتشكيل جبهة إنسانية ضاغطة تتحدث باسم الضحايا، وتفضح جرائم الحرب أمام الرأي العام العالمي.
2. حكومة ظل مدنية فلسطينية مستقلة:
لا تتبع لحماس ولا للسلطة، تتحدث باسم الإنسان لا الفصيل، وتقدم بديلاً إنسانيًا يعري منطق الحرب ويكسب ثقة العالم.
3. مبادرة سلام يقودها أطفال غزة:
تخيل أن أطفالًا من تحت الأنقاض يبعثون برسائل مصورة إلى العالم، يطلبون فيها الحياة فقط. هذا الصوت له قوة تفوق كل جيوش الإعلام الرسمية.
4. حملة قانونية عالمية:
تضم محامين دوليين ومؤسسات حقوقية لتقديم ملفات موثقة ضد جرائم الحرب، وتجعل من دعم أمريكا لإسرائيل عبئًا أخلاقيًا وقانونيًا.
5. حراك شعبي داخل أمريكا نفسها:
ملايين الأمريكيين من مختلف الخلفيات يرفضون الحرب، لكنهم بحاجة لمن يوصل لهم الحقيقة بلغة يفهمونها. هنا يأتي دور المبادرات الإعلامية الذكية والمؤثرة.
6. سردية فلسطينية جديدة:
آن الأوان أن يتغير الخطاب: من "نحن الضحايا فقط" إلى "نحن أصحاب حق في الحياة والكرامة والحرية". سردية تُلهم لا تُبكي فقط.
وهل تقبل أمريكا بذلك؟
واقعيًا؟ لا، طالما لا يوجد ثمن تدفعه. لكنها ستتراجع، ليس بالضغط الحكومي، بل بالشعبي. حين يشعر صانع القرار أن استمراره في دعم إسرائيل سيُكلّفه في الانتخابات، أو سيفضح صورته عالميًا، سيتغير الموقف.
التاريخ يخبرنا أن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لم يسقط بتفاوض سياسي فقط، بل بحملة شعبية عالمية ضغطت لسنوات. فهل نعيد التاريخ في غزة؟
في الختام:
غزة لا تنتظر شفقة العالم، بل وعي العالم. حين تنهض الشعوب لتقول "كفى"، عندها فقط ستتوقف آلة القتل. لنجعل من صوتنا سلاحًا، ومن إنسانيتنا درعًا، ومن تضامننا بارقة أمل في زمن الخذلان.
أ. محمد يوسف شامية.
ابن غزة شاهد على جراحها.