مهارات إنسان النهضة: الطريق إلى يقظة حضارية

يتحدث مالك بن نبي عن الفرق بين "إنسان الانتظار" الذي يترقب التغيير دون أن يكون فاعلاً فيه، وبين "إنسان الفاعلية" الذي يصنع التغيير ويسهم في النهضة. ولتحقيق ذلك، لا بد من تطوير مهارات عملية وفكرية تجعل الفرد مؤهلاً لقيادة التغيير بدلًا من مجرد التفاعل معه.

الحركات الإسلامية أنجزت إنجازًا مهمًا في إيقاظ الأمة وإيصالها إلى مرحلة "الصحوة"، لكنها لم تتمكن من العبور إلى مرحلة "اليقظة"، التي تعني الفهم العميق لواقع العصر، والتفاعل معه بأساليب حديثة، وليس مجرد اجترار الماضي. أحد أكبر التحديات كان عدم امتلاك أفراد هذه الحركات المهارات اللازمة لتطوير العمل، مما أدى إلى تكرار نفس الأنماط دون تقدم حقيقي.

لذلك، فإن بناء "إنسان النهضة" يستوجب اكتساب مهارات محددة تصقل قدراته، وتمكنه من العمل داخل منظومات متطورة، سواء كانت حركات، أو منظمات، أو شركات. فيما يلي 10 مهارات أساسية يحتاجها إنسان النهضة ليكون قادرًا على إحداث تغيير حقيقي:

القائد ليس مجرد شخصية بارزة، بل هو شخص يمتلك رؤية واضحة، ويستطيع تحفيز الآخرين وتحويل الأفكار إلى مشاريع عملية. تحتاج الحركات الإسلامية إلى تطوير قادة حقيقيين بدلًا من الاعتماد على العفوية في بروز القيادات.

إنسان النهضة لا يقبل الأفكار كما هي، بل يطرح الأسئلة، ويفحص المعطيات، ويقارن بين البدائل. التفكير النقدي يمنع الوقوع في فخ التكرار الأعمى ويجعل الحركة أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التحديات.

لا يمكن لأي مشروع أو حركة أن تنجح بدون إدارة فعالة. يجب أن يتعلم أفراد النهضة إدارة الوقت، والتخطيط الاستراتيجي، وحل المشكلات، بالإضافة إلى القدرة على العمل داخل فرق عمل منظمة، وليس مجرد الاعتماد على الجهود الفردية.

المجتمعات لا تتغير بالقوة، بل بالإقناع. يحتاج إنسان النهضة إلى مهارات الخطابة، والتفاوض، وكتابة المحتوى المؤثر، حتى يتمكن من نقل أفكاره إلى الآخرين بطريقة تحقق التأثير المطلوب.

التكرار هو العدو الأول للنهضة. يجب على الأفراد تعلم التفكير الإبداعي لإيجاد حلول جديدة للمشكلات المستمرة، بدلًا من إعادة تدوير الحلول القديمة التي لم تعد تناسب العصر.

النهوض بالأمة لا يكون فقط عبر الخطابات والشعارات، بل عبر الاقتصاد القوي والمشاريع الإنتاجية. يجب أن يتعلم أبناء الحركات كيف يبنون مشاريع مستدامة، ويديرون التمويل، ويخلقون مصادر دخل بديلة للحركة بدلًا من الاعتماد على التبرعات فقط.

الحركات التي لا تفهم السياسة تقع ضحية الاستغلال والتهميش. يجب على إنسان النهضة أن يكون واعيًا بموازين القوى، والاستراتيجيات السياسية، والدبلوماسية حتى يتمكن من تحقيق أهدافه بدون صدامات غير محسوبة العواقب.

العالم يتغير بسرعة، ومن لا يتكيف، يخرج من اللعبة. لا بد من تعلم كيفية إدارة التغيير، وقراءة المستقبل، والتكيف مع التقنيات الحديثة، والاستفادة من العلوم المعاصرة بدلاً من الجمود على أنماط التفكير القديمة.

الحركات الإسلامية غالبًا ما ترفض الاستعانة بالخبراء الخارجيين، وهذا خطأ استراتيجي. كل الحركات الناجحة في العالم تستعين بمؤسسات استشارية لتحليل أدائها وتطوير استراتيجياتها. يجب أن يكون لدى أفراد النهضة وعي بأهمية التعلم من الآخرين، حتى لو كانوا خارج إطارهم الفكري.

لا يكفي أن يكون لديك أهداف قصيرة المدى، بل يجب أن يكون لديك رؤية تمتد لعشرات السنين. إنسان النهضة يجب أن يكون قادرًا على التخطيط لمستقبل أمته وليس فقط معالجة أزماتها اليومية.

فيما يلي بعض الدورات الموصى بها وأشهر المدربين في هذه المجالات:

دورات تدريبية موصى بها

لتطوير المهارات الاساسيه لانسان النهضه يمكن الاستفاده من خبرات مدربين دولين مسلمين وغير مسلمين في مجالات القياده والتفكير النقدي, التنميه الشخصيه وريادة الاعمال فيما يلي قائمه  ببعض ابرز هؤلاء المدربين

إن امتلاك هذه المهارات العشر يمكن أن يحول الحركات الإسلامية من مجرد "حركات احتجاجية" إلى مؤسسات قيادية فاعلة. فالنهضة ليست مجرد عودة إلى الماضي، بل هي رحلة نحو المستقبل باستخدام أدوات العصر.

بدلًا من البقاء في مرحلة "الصحوة" دون تطوير، يجب أن تنتقل الحركات إلى مرحلة "اليقظة"، حيث يتم تحليل الأخطاء، وتطوير الأفراد، والاستفادة من العلوم الحديثة، وبناء مشاريع مستدامة تقود المجتمع نحو التقدم الحقيقي.

إنسان النهضة هو من يفهم أن الماضي مصدر إلهام، لكنه لا يجب أن يكون سجنًا. فالمطلوب هو الجمع بين القيم الأصيلة وأدوات العصر لصنع مستقبل جديد، بدلاً من العيش في ظلال الماضي أو التمسك بالأساليب القديمة التي لم تعد تحقق النتائج المرجوة.

د.سامر الجنيدي_القدس