لقد مضى زمن كان يقول فيه العامة: لا تتحدثوا في السياسة فأنتم لا تفهمون بواطن الأمور وما يدار في الغرف المغلقة ويتهم كل من فكر أنه خارجي أو تكفير أو زنديق أو شيوعي أو أي شيء يدعو لنبذه وكيل التهم له..
ثم تلاه زمن كانت كوابيس السياسة تلاحق الجنين في بطن أمة والرفاة في القبور ولا يكاد يسلم من بطشها أحد حيث عبثت السياسة بملل الناس وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم فضلا عن مبادئهم وقناعاتهم..
دفع ثمن هذا جيلين من الأمة أحدهم ضم الثرى رفاته والآخر تأكل غياهب السجون زهرات أعمار بنيه..
حتى قلنا: لن يمر على تاريخ العباد أسوء مما جرى..
ولكننا رأينا زمانا مسخت فيه الفطر السوية وصارت فيه كل الآيات بعكسها ..
من أعلى هرم في كل رمز حتى أسفله ..
صارت أفعال الساسة أسوء من فعل الساقطات في كل زمن ..
كان الكيد توصف به المرأة الخبيثة.. ولكنه صار رمز السياسة العقيمة اليوم..
ترامب: يعاقب الصين التي احتجت على حماقته في التعريفة الجمركية برفعها حتى ١٢٥% ويعفي من لم يحتج على حماقته ٩٠ يوما..
ولتذهب الحنكة والمصالح إلى الجحيم المستعر .. المهم أن ينفخ التنين ناره ويستمتع بالصراخ من انتفاخ أوداجه..
وكم هو ممتع لذلك الغاشم أن يرى ارتعاد القطيع من ساسة #السجن_العربي_الكبير المنتظم في حبل عبوديتهم له وهم يقدمون فروض الولاء وقبلات الطاعة فوق الطاولة وتحتها..
وهذه فرنسا تتصرف كساقطة لعوب ضيعت حذاءها في ليل لا قمر فيه بين السكارى : قد نعترف بدولة فلسطين في يوليو المقبل..
لقد مضى أيها السادة زمن الحنكة المزعومة وهيبة الغموض وتدابير الغرف المغلقة ..
نحن في زمن استنسر فيه البغاث وتحلى حمير الحي بالسرج الأنيق..
هؤلاء يعدون رموز العالم في هذا الزمن حيث يفترض أنهم أكثر الناس معرفة وحنكة ودراية وإدارة بغض النظر عن حسبة المصالح..
فما بالك بأتباعهم من القطيع ساسة بلادنا في #السجن_العربي_الكبير؟
ترى كيف حال جيل يرى هذه النماذج من الرجال ؟
أي شرف بقي للكلمة وأي هيبة بقيت لأصوات الرجال..
في زماننا ليست أزمة سياسة بل أزمة حضارة نكست الفطر وجعلت كل الموبقات وجهة نظر..
لم يبق للرجولة قدر ولا شرف ولا هيبة لا في الحرب ولا في الحب ولا في السياسة ولا في المعاملات..
بل لا تسل عن الإنسانية في وقت صار الخوف هو العملة الرائجة والوعيد هو البضاعة المتداولة..
لعنة الله على ميكافيلي وكل من شابهه إلى يوم الدين..
في علم الحضارة إذا ساءت أحوال الناس وانقطع أملهم من الفرج القريب وأغلق اليأس بابه عليهم بإحكام لم يبق أمامهم سوى الانكفاء على جذورهم وأصولهم البسيطة النقية..
يوما قريبا سيعود الناس للفطرة النقية والقيم الخالصة والدين الصحيح ..
ستضمحل كل سحب الدخان وستأكل الأرض عفن الخراب..
سينبت الربيع على الكون من جديد وينتهي الصراخ ويحل الأمن بدل الخوف وسيعود الخلق إما أبرارا كراما ومردعون منهم برادع القيم السائدة والعرف الغالب..
حتى ذلك الحين ليعض كل بصير على ما بقي لديه من قيمة صادقة بحياته ويدفع عنها بروحه..
فاطمة بنت الرفاعي