استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

رسائل عيدية التكبير والهداية.. السر وراء ارتباطهما


من المعروف أن الإنسان يشكر من يسدي إليه معروفًا، وإذا كان واهب النعمة هو الله سبحانه وتعالى، فإنه يستحق كمال الحمد والشكر. ولكن لماذا جاء التكبير بعد نعمة رمضان في قوله تعالى:
> "وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ" (البقرة: 185)؟
ما السر وراء ارتباط التكبير بالهداية؟ وهل التكبير هو شكر لله على نعمه؟ وما الهداية التي يحثنا الله عليها كثيرًا في القرآن الكريم؟
في هذه السطور، سنحاول الإجابة عن هذه التساؤلات بإذن الله.

التكبير كوسيلة لتحقيق الهداية

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
> "وقد شرع التكبير على الهداية، والرزق، والنصر، لأن هذه الثلاث أكبر ما يطلبه العبد، وهي جماع مصالحه".
ويقول الإمام الطبري في تفسيره:

> "وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ" أي لتعظِّموا الله بالذكر له بما أنعم عليكم من الهداية التي خذل عنها غيركم. 
إذًا، فالتكبير يعني تعظيم الله وتمجيده، وهو إعلان بأن الله وحده هو المشرع لصيام رمضان، وهو الذي هدى العباد إليه وأعانهم عليه. فالعبد حين يكبر إنما يقرُّ بأن الأمر كله بيد الله، وأن أعظم ما يُهدى إليه الإنسان هو طريق الهداية.
وقد كان رسولنا الكريم ﷺ يكثر من قول:
> "يا مُقَلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبي على دينِك"
لأن الله هو الذي يهدي القلوب، وهو الذي يمنعها من الزيغ والانحراف، كما جاء في دعاء المؤمنين:
> "رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا" (آل عمران: 8).

ولهذا، كان التكبير بعد نعمة رمضان إعلانًا بأن الله هو الهادي، وهو الذي وفق العبد لهذا الطريق. فمن يستطيع هداية إنسان إن تخلى الله عنه؟ قال تعالى:
> "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" (القصص: 56).   

طريق الهداية.. أعظم طريق

لم يقل الله تعالى: "ولتكبروا الله على ما أعانكم ووفقكم"، بل قال: "على ما هداكم"، لأن الهداية تعني توفيق العبد لسلوك طريق الذين أنعم الله عليهم، وتجنُّب طريق الضالين. وقد ذكر الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" أن حقيقة الهداية هي الدلالة على الطريق للوصول إلى المقصود.

بل إن الهداية قد لا تؤدي بالضرورة إلى الوصول للمقصود إن لم يُعِن العبد نفسه ببذل الأسباب، كما قال تعالى:
> "فَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى" (فصلت: 17).
ذلك مايراه الاشاعرة. وان الهداية هداية خلق وتكوين. 

أي أن الله دلهم على طريق الحق، لكنهم اختاروا غيره.

أنواع الهداية:-

ذكر العلماء ومنهم صاحب التحرير والتنوير أن للهداية أنواعًا متعددة، ومنها:

  1. هداية الفطرة: مثل التقام الرضيع لثدي أمه، فمن هداه لذلك؟ إنها هداية الله.
  2. هداية الدلالة: وهي نصب الأدلة التي تفرق بين الحق والباطل، وهي الهداية العلمية النظرية.
  3. هداية التوفيق: وهي التي لا تكفي فيها الأدلة وحدها، بل يحتاج العبد إلى توفيق من الله.
  4. هداية الكشف والإلهام: وهي أعلى مراتب الهداية، حيث يكشف الله للعبد الحقائق العُليا وأسرار المعاني.

الخلاصة

إن التكبير هو تعظيمٌ لله على أعظم نعمةٍ، وهي الهداية، وهذه الهداية تعني سلوك طريق الاستقامة مع بذل العبد جهده للوصول إلى الحق. وقد أمرنا الله بالدعاء بها في كل صلاة، لأهميتها العظمى:

> "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" (الفاتحة: 6).
فاللهم اجعلنا من المهتدين، وثبت قلوبنا على دينك، وأعنا على شكرك وتعظيمك في كل وقت وحين.


🖋 هايل

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.