المسافة بين الانطباع الأول وبين تكوين رأي موضوعي مسافة كبيرة، وكلما كانت أهمية الموضوع أخطر كلما زادت المسافة وتضاعف الجهد المطلوب للوصول لرأي موضوعي بفدر المستطاع…
وتحديد القضية الرئيسة محل النزاع هو المقدمة الأولى الضرورية، فكثيراً ما يكون الحوار مشتتاً والناس تتدابر دون تحديد طرف الخيط والقضية الرئيسة التي يُراد إثباتها أو نفيها…
وأخطر موضوع أن يخضع الإنسان للانطباع الأول ولا يحوله لموضوع للبحث بل يجعله حاكماً للبحث ووظيفته أن يثبته لا أن يتحقق منه، وهذا ما يحدث في كثير من الحوارات…
وفي طريق إثبات القضية الأم يسوق الناس ادعاءات فرعية، ومعرفتها وتمييزها عن الادعاء الأساس مهة جداً حتى لا ينشغل العقل بالفرع عن الأصل..
وتختفي خلف الخلافات العلنية مُسلمات مُضمرة قد تكون أهم من المعلنة وبها تكتمل المحاجّة فالكشف عنها لا يقل أهمية عن الادعاءات المعلنة..
ثم يأتي اعتبار المحاجة المضادة ودرجة معقوليتها…
ثم تأتي المباحث النظرية كالدراسات السابقة وأي قضايا تأصيلية معتبرة متعلقة بالموضوع
لتشكل أرضية أساس ربما يحتاجها النظر الموضوعي..
عندها يمكن للمرء أن يطمئن إلى أنه بذل الجهد في استقصاء الحق وكون رأيا موضوعياً..
الخلاصة:
المسافة بين الانطباع الأول والرأي الموضوعي مسافة شاسعة، وقِلة من يبذل الجهد لقطعها، أو حتى يدرك بوجودها...
د. جاسم السلطان
05/03/2025