استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

رمضان والتمرد على مربع الراحة (نحو استعادة مقدرات الأمة)


رمضان ليس شهر الراحة بالمعنى التقليدي، هو شهر الجد والاجتهاد والعمل الدؤوب. إنه فرصة ذهبية للأمة الإسلامية لتعيد ترتيب أولوياتها، وتتحرر من "مربع الراحة" الذي أصبح أحد أكبر التحديات التي تعيق تقدمها. هذا المربع الخطير، الذي يجعلنا نرضى بالحد الأدنى من الإنجازات، ويبعدنا عن التفكير في التميز والتفوق، هو استنزاف لمقدرات الأمة وتعطيل لبوصلتها. ولكن رمضان يأتي ليكسر هذه الحواجز، ويذكرنا بأننا قادرون على أكثر مما نتصور.

 مربع الراحة: الاستنزاف الصامت

مربع الراحة هو ذلك الحيز الذي نعيش فيه براحة مفرطة، نبتعد فيه عن التحديات، وننساق وراء الكسل والتسويف. هذا المربع يجعلنا نعيش في دائرة من الرتابة والسلبية، حيث نضيع الوقت في أمور لا تنفع، ونبتعد عن الأعمال التي تعيننا على تحقيق أهدافنا كأمة. إنه استنزاف صامت لمقدراتنا، حيث نفقد الطاقة والوقت والفرص التي يمكن أن نستغلها في بناء مستقبل أفضل.

رمضان: مدرسة التمرد الإيجابي

رمضان هو مدرسة تربوية تعلمنا الصبر والانضباط والإرادة القوية. في هذا الشهر، نتعلم أن نتحمل الجوع والعطش، ونصبر على المشقات، ونقاوم شهواتنا. هذه الدروس يمكن أن تكون بداية لتحررنا من الاستسلام للراحة والكسل في حياتنا اليومية. فإذا كنا قادرين على الصيام والقيام، فنحن بالتأكيد قادرون على تحقيق أهداف أكبر في حياتنا العملية والاجتماعية.

الصلاة : الراحة الحقيقية

في حديث النبي صلى الله عليه وسلم مع بلال رضي الله عنه: "أرحنا بها يا بلال"، توجيهٌ عظيم يُحول أنظارنا إلى مفهوم الراحة الحقيقية، والتي تختلف تمامًا عن مفهوم الراحة المزيف الذي نعيشه اليوم. الراحة الحقيقية ليست في الكسل أو الهروب من المسؤوليات، بل هي في العبادة والطاعة والالتجاء إلى الله تعالى. الصلاة هي راحة القلب والروح، وهي الملاذ الذي نلجأ إليه لنستريح من هموم الدنيا ومشقاتها،
في الصلاة حركة وتوجه وتجديد للدماء وقبله طهارة وسعي.

{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} : الاستمرارية في العمل

آية {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} من سورة الشرح تحمل معنى عميقًا يتناسب تمامًا مع ما نناقشه عن أهمية التحرر من مربع الراحة وعدم الاستسلام للكسل. هذه الآية تدعونا إلى الاستمرارية في العمل، وعدم التوقف عند الإنجازات. حتى لو أنجزنا شيئًا عظيمًا، فلا ينبغي أن نكتفي به، بل نبدأ في العمل على الهدف التالي. هذا يذكرنا بأن النجاح ليس محطة وصول، بل هو رحلة مستمرة.

خطوات عملية للتمرد على مربع الراحة في رمضان

1- التقرب إلى الله : بالإكثار من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء والذكر.
2- التخلص من العادات السيئة : مثل الإفراط في استخدام الهاتف في غير نفع، أو تضييع الوقت في أمور لا تنفع.
3- مساعدة الآخرين : بالصدقة والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين.
4- التفكير في تطوير الذات : من خلال وضع أهداف روحية وعملية نسعى لتحقيقها خلال الشهر وبعده.
5- الاستمرارية في العمل : بعد الفراغ من عمل، ننصب أنفسنا للعمل التالي، دون انقطاع أو كسل.


رمضان هو فرصة لنا كأمة لنستعيد قوتنا الروحية والفكرية والجسدية، ونحرر أنفسنا من القيود التي تكبلنا وتجعلنا نعيش في دائرة الراحة والسلبية. فلنجعل هذا الشهر نقطة تحول في حياتنا، ولنبدأ في بناء عادات جديدة تعيننا على تحقيق أهدافنا كأمة. أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لاستغلال هذا الشهر الكريم أفضل استغلال، وأن يعيننا على التحرر من كل ما يعيق تقدمنا.

رمضان كريم، وتقبل الله منا ومنك صالح الأعمال.



كتب حسان الحميني
والله الموفق.

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.