منذ وصول الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" إلى سدة الحكم بعد فوزه بانتخابات الدورة الثانية والوضع السياسي في تدهور، وبالأخص بعد لقاءه رئيس أوكرانيا "زيلينسكي" في البيت الأبيض والمشادات الكلامية التي حصلت، والتي انتهت بخروج "زيلينسكي" من الاجتماع خال الوفاض.
في تطور غير مسبوق، وضع الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمام خيار حاسم قد يغير موازين القوى الدولية، فقد منح "ترمب" الحلف مهلةسرية مدتها ثلاثة أسابيع فقط للموافقة على شروط استسلام أوكرانيا، مهددًا بانسحاب الولايات المتحدة من أوروبا بالكامل في حال رفض الناتو الامتثال لهذا القرار.
هذا الإعلان، الذي جاء وسط تصاعد التوترات بين روسيا والغرب؛ يعكس تحوّلًا جذريًا في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث يبدو أن واشنطن لم تعد مستعدة لتحمل أعباء الدفاع عن أوروبا كما فعلت طوال العقود الماضية.
ولطالما كان الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا حجر الزاوية في استراتيجية الناتو لردع أي تهديد روسي؛ فهل تتحول لفرصة ذهبية للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"؟
وهذا إذا نفذ "ترمب" تهديده وسحبت واشنطن قواتها؛ فإن ذلك سيشكل فراغًا استراتيجيًا خطيرًا قد تستغله موسكو لتوسيع نفوذها في أوروبا الشرقية وربما أبعد من ذلك.
بالنسبة للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" فإن انسحاب القوات الأمريكية سيكون بمثابة ضوء أخضر لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية، وربما فتح الباب أمام اجتياح واسع النطاق لأوروبا الغربية، وهو سيناريو يعيد للأذهان المخاوف من هيمنة روسية جديدة على القارة العجوز.
منذ تأسيس حلف الناتو قبل 75 عامًا على يد الرئيس الأمريكي "هاري ترومان" تحملت واشنطن العبء الأكبر في تمويل الحلف، حيث تنفق الولايات المتحدة 500 مليار دولار سنويًا لحماية أوروبا من أي تهديد خارجي، وخاصة من الاتحاد الروسي، ولكن مع تزايد الضغوط الداخلية والمخاوف الاقتصادية، يبدو أن أمريكا لم تعد ترى مصلحة استراتيجية في الاستمرار بهذا الدور، خاصة إذا لم يلتزم الحلفاء الأوروبيون بمسؤولياتهم المالية والعسكرية وإجبار أوكرانيا على الاستسلام.
هل نشهد نهاية النظام العالمي القديم؟
انسحاب أمريكا من الناتو –إن حدث– لن يكون مجرد خطوة تكتيكية؛ بل قد يكون بدايةً لإعادة تشكيل النظام العالمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، وقد نشهد صعود تحالفات جديدة، وتراجع النفوذ الأمريكي في أوروبا، وربما نشوء نظام دولي متعدد الأقطاب، حيث تلعب روسيا والصين دورًا أكثر تأثيرًا من واشنطن من خلال أدوات القوة الناعمة.
لكن السؤال الأهم: هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون أمريكا؟ وهل ستقبل الدول الأوروبية بالواقع الجديد أم ستبحث عن بدائل لتعويض الغياب الأمريكي؟
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة، وما سوف يحدث قد يحدد مستقبل الأمن الأوروبي لعقود قادمة، فهل نحن أمام لحظة تاريخية ستغير وجه العالم؟
✍🏻 الأغيد