منذ أن تحررت سورية في ديسمبر 2024م وتمت السيطرة على دمشق؛ لم تهدأ من المتربصين بها على الصعيد الداخلي والخارجي، فتارةً تصريحات سياسية إيرانية بتأجيج صراع طائفي؛ وتارةً أخرى بدعم سياسي صهيوني لبعض الأقليات، وما بين هذا وذاك؛ لم يتم فرض الأمن والسيطرة التامة على جميع أراضي سورية، فما زالت حتى اللحظة جماعات خارجة عن القانون، تلعب على وتر الانفصال والتقسيم.
في مشهد سياسي شبه معقد، نشطت جماعات من فلول النظام البائد، حيث وجدت نفسها خارج إطار الشرعية، فتقوقعت في دور معادٍ للدولة الجديدة والمجتمع، مدفوعةً بأجندات خارجية تتقاطع بين المصالح الإيرانية والصهيونية، وهذه الجماعات -التي تتستر بشعارات وطنية زائفة- ليست سوى أدوات بيد قوى إقليمية ودولية تسعى لإضعاف سورية وتقسيمها، خدمةً لمصالح توسعية وأطماع جيوسياسية في قلب الشرق الأوسط.
لم يكن سقوط النظام البائد نهايةً لنفوذ فلوله؛ بل شكّل لهم بداية مرحلةٍ جديدة من التآمر، حيث وجدوا في الفوضى الذي خلقوها؛ بيئةً خصبة لإعادة تموضعهم من جديد، فبعضهم ارتبط بالمشروع الإيراني، مستغلين الخطاب الطائفي لإحداث شرخ مجتمعي داخلي، بينما ارتمى آخرون "راغبون" في أحضان المخططات الصهيونية التي تهدف إلى تمزيق وحدة سورية وتقسيمها على أسس عرقية وطائفية، وبسط نفوذ سياسي عسكري جديد في الجنوب السوري.
إن ما يجمع بين هذين المشروعين الخبيثين؛ هو السعي لضرب الاستقرار السوري وزعزعة الأمن الداخلي، وإعادة رسم خرائط جديدة وفق مصالحهم السياسية، حيث تسعى الأجندة الإيرانية إلى زرع ميليشيات جديدة موالية لها -بعد أن تم استئصال جميع ميليشياتهم- أو دعم ميليشيات سورية تدعو للانفصال، بينما تعمل الأجندة الصهيونية على إثارة النزاعات الداخلية ودعم الأقليات الخارجة عن القانون، لإضعاف المؤسسات الوطنية وتقويض أي مشروع سوري نهضوي مستقل.
الحرب الإعلامية والتضليل السياسي:
لم تقتصر أدوات هذه الجماعات على العمل المسلح ضد الدولة السورية؛ بل لعبت الدعاية الإعلامية والتحريض الإلكتروني دورًا كبيرًا في نشر الفوضى ودعوات الانفصال، وذلك عبر منصات مدعومة تعمل بشكل ممنهج من الخارج حول بث الشائعات، وضخ الخطاب التحريضي الذي يهدف إلى تشويه صورة الدولة ومؤسساتها، في محاولة لإفقاد المواطن ثقته بقيادته وإثارة الفتنة الداخلية، والمعركة مع هذه الجماعات وأسيادها ليست فقط أمنية أو عسكرية؛ بل هي معركة فكرية وسياسية أيضًا، ومن الضروري تكثيف الجهود لكشف ارتباطاتهم الخارجية، وفضح تناقضاتهم أمام الرأي العام، وتعزيز الوحدة الوطنية السورية لقطع الطريق أمام مشاريع التقسيم التي يدعون إليها، كما أن وعي الشعب السوري والتفافه حول حكومته وقيادته؛ هو الحصن الأول في وجه هذه المخططات، فلا بد من دعم مؤسسات الدولة وتعزيز سيادة القانون للحفاظ على الاستقرار ومواجهة التهديدات الخارجية والداخلية على حدٍ سواء.
أخيرًا.. ما بين مخالب المشروع الإيراني وأنياب المخطط الصهيوني؛ تتحرك فلول النظام البائد كأدوات رخيصة مستأجرة لزعزعة استقرار سورية الجديدة، بيد أن مصير مثل هذه المؤامرات معروف، فقد أثبت التاريخ أن الشعوب الواعية والقيادات الحكيمة؛ قادرة على إفشال أخطر المخططات مهما كانت خيوطها متشابكة وأهدافها خبيثة!!
✍🏻 الأغيد