استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

الخوف من النور (رحلة الكشف عن القدرات الخبيئة)


نحن البشر نخاف الكشف ليس على قصورنا فقط، لكن نخاف من الكشف على قدراتنا التي نجهل. هذه الحقيقة الإنسانية العميقة تُلخص جوهر المعاناة التي نواجهها في رحلة تطورنا الشخصي والروحي. كما أشارت الكاتبة ماريان ويليامسون في مقولتها الشهيرة : 

 "أعمق مخاوفنا ليست أننا غير أكفاء. خوفنا العميق هو أننا أقوياء بما يتجاوز المقاييس. إنه نورنا، وليس ظلامنا، الذي يخيفنا أكثر."

أسباب الخوف من اكتشاف القدرات

هذا الخوف من اكتشاف قدراتنا المخفية له عدة أسباب :

  1. الخوف من المسؤولية - اكتشاف قدرات استثنائية يعني تحمل مسؤولية استخدامها.
  2. الخوف من الفشل - إذا اكتشفنا قدراتنا ثم فشلنا، فهذا أصعب نفسياً من عدم المحاولة أصلاً.
  3. الخوف من التغيير- اكتشاف قدرات جديدة قد يغير مسار حياتنا بشكل جذري، والإنسان بطبعه يميل للاستقرار.
  4. الخوف من التوقعات - قد نخشى توقعات الآخرين منا إذا اكتشفوا قدراتنا الخاصة.

 مواجهة الممانعة

عندما ندعو أنفسنا أو الآخرين لاقتناص الفرص - كفرصة شهر رمضان مثلاً - للكشف عن القدرات الخبيئة، غالباً ما نواجه بالصد والتبرم. هذه الممانعة ليست بالضرورة رفضاً منطقياً للفكرة، بل مقاومة داخلية عميقة تجاه اكتشاف الإمكانات الحقيقية.

تحويل موقفنا من الجدال والمواجهة إلى إحساس بالمسؤولية تجاه تحرير أنفسنا والآخرين من هذه الممانعة يعكس نضجاً روحياً وإنسانياً. هذا النهج أكثر فعالية لأن:
  • الممانعة غالباً ما تكون آلية دفاعية نفسية عميقة، والجدال قد يزيدها ترسخاً
  • الشعور بالمسؤولية التحريرية يضعنا في موقف المساعد لا المحاجج، مما يخلق مساحة آمنة للتغيير

 الانعتاق من جاذبية القعود

ما عبّر عنه بـ "جاذبية القعود" هو تعبير دقيق ومؤثر - فهو يشبه قوة الجاذبية الفيزيائية التي تتطلب طاقة حقيقية للتغلب عليها، وليس مجرد رغبة أو أمنية.

الانعتاق من هذه الجاذبية يتطلب جهداً حقيقياً لأننا نواجه:
  • قوى داخلية نفسية عميقة الجذور
  • أنماطاً فكرية اعتدنا عليها لسنوات
  • خوفاً من المجهول الذي يمثله تحقيق إمكاناتنا الكاملة

 طريق التحرر: تفكيك المفاهيم

تفكيك المفاهيم وفهمها بعمق يمكن أن يكون مفتاحاً قوياً للتغيير الشخصي والجماعي. عندما نبدأ بتحليل المفاهيم التي نعيش وفقاً لها، نكتشف أحياناً أن بعضها قد تشكل حواجز غير مرئية تقيدنا.

هذا التفكيك يتيح لنا:
  • رؤية الافتراضات غير المعلنة التي تحكم تصرفاتنا
  • فهم مصادر مخاوفنا من اكتشاف قدراتنا الكامنة
  • تحرير أنفسنا من قيود قد تكون موروثة أو مكتسبة

 رمضان: فرصة للكشف والتحرر

شهر رمضان يمثل فرصة استثنائية للتأمل والكشف والتطور. التأمل والعبادة والانقطاع عن المعتاد تخلق مساحة للتحرر من القيود التي تمنعنا من اكتشاف قدراتنا الحقيقية.

هذا الشهر الفضيل، بما يحمله من طاقة روحية وجماعية، يساعدنا على تجاوز جاذبية القعود والانطلاق نحو آفاق جديدة من الإمكانات الإنسانية.

رحلة ضرورية :

رحلة اكتشاف قدراتنا الخبيئة ليست سهلة، لكنها ضرورية لتحقيق إمكاناتنا الكاملة كبشر. كما قالت ماريان ويليامسون، خوفنا الأعمق ليس من ظلامنا بل من نورنا. لكن تجاوز هذا الخوف والانعتاق من جاذبية القعود هو ما يمكننا من الوصول إلى مستويات جديدة من الوعي والقدرة والإنجاز.

تفكيك المفاهيم المقيدة، وتحويل المواجهة إلى مسؤولية تحريرية، واستغلال الفرص الروحية كشهر رمضان، كلها أدوات تساعدنا في هذه الرحلة المستمرة نحو اكتشاف وتحقيق الذات الحقيقية.


كتب حسان الحميني
والله الموفق.

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.