منذ سنوات عدّة وأنا أقرأ عن المفكرين الغربيين والأمريكان الذين أنصفوا العرب والدين الإسلامي بكتاباتهم وأفكارهم، وأحاول جاهدًا أن أصل لفلسفة جديدة حول نموذج سياسي عادل يتجاوز الديمقراطية.
الديمقراطية -رغم مزاياها القليلة- ليست النظام الأمثل والأكثر عدلًا للعرب الذين يسعون لتطبيقه في مجتمعاتنا، خاصة في المجتمعات الإسلامية التي تسعى لتطبيق الشريعة، لذا يظهر تساؤل مهم: هل هناك نموذج أكثر توازنًا يجمع بين الشورى، العدالة، الحريات والاستقرار؟!
تحتاج الديمقراطية إلى تطوير كبير في جوهرها، وبالرغم من ضمانها للمشاركة السياسية؛ إلا أن الديمقراطية تعاني من معوقات عدّة، أهمها: حكم الأغلبية المطلقة الذي قد يهمّش الأقليات، وهذا يحصل في فرنسا وسويسرا والعديد من الدول الغربية، وكذلك تأثير المال والإعلام على الانتخابات، مما يُنتج طبقة حاكمة غير عادلة - نشهد ذلك بالرأسمالية والليبرالية- وضعف الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية بسبب تشريعات قائمة على رأي الأغلبية، فالنظام الغربي يفصل تمامًا الأخلاق عن السياسة، والذي حصل في غزة ليس ببعيد، أيضًا إمكانية وصول غير الأكفاء إلى السلطة عبر الدعاية بدلًا من الكفاءة الحقيقية.
لو أردنا رسم ملامح النظام السياسي العادل وفق الشريعة الإسلامية الغرّاء نجد أن هناك مفهوم "شورى مُلزِمة" بدلًا من الديمقراطية المُطلقة، بحيث يشارك العلماء والخبراء والٱكادميين في اتخاذ القرارات، واختيار القادة يرتكز على أساس الكفاءة، وليس الحملات الانتخابية والوعود السياسية الزائفة.
كما أنه توجد موازنة حقيقية بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة، بحيث لا تتعارض الحريات الفكرية والشخصية مع القيم الإسلامية، وكذلك عدالة اجتماعية واقتصادية من خلال توزيع الثروات ومحاربة الاحتكار والفساد الاقتصادي، كما أن الحاكم مسؤول أمام المجتمع، يُحاسَب ويُمكن عزله إن أساء استخدام السلطة أو جعلها سلطة استبدادية شمولية.
هل تعتبر هذه الفلسفة نموذجًا عمليًا للحكم الرشيد ويمكن تطبيقها في وقتنا الحالي!؟
بكل تأكيد نعم.. من خلال الاستفادة من التجارب الإسلامية الناجحة وتوظيف المؤسسات "الحديثة" لضمان الشفافية والعدالة، بحيث يتم الجمع بين مبادئ الإسلام والتطور السياسي، دون الوقوع في استبداد ديني كما حصل في العصور الأوروبية الوسطى أو ديمقراطية غير منضبطة ينتج عنها الفوضى كما يحصل الآن في العالم الغربي.
✍🏻 الأغيد
27/02/2025