استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

المسمار الأخير في نعش الإمبراطورية


غالبًا ما كانت السياسة الدولية للنظام العالمي -أحادي القطب- المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي؛ مدفوعةً بالمصالح السياسية والاستعمارية بدلًا من من المصالح التي تحقق الأمن والسلام الدوليين، وقد واجه النظام العالمي الدولي الحالي تحديات غير مسبوقة تهدّد استقراره، وتكشف عن ضعفه وهشاشته في مواجهة الأزمات التي عصفت -ولا تزال تعصف به- حتى يومنا هذا، ومنذ انتهاء الحرب الباردة؛ ظهر نظام العولمة والتعددية القطبية، لكن ما لبث أن تبلور؛ حتى بات يعاني من تصدعات نتيجة التغيرات الجيوسياسية، وتصاعد والأزمات الاقتصادية وتصاعد الشعبوية في العديد من الدول. 

اقتصرت السياسة الخارجية الأمريكية على عدة عوامل، أهمها: (التدخلات الخارجية، العقوبات الاقتصادية، التوسع العسكري والتحالفات الاستراتيجية) وذلك في سبيل الحفاظ على هيمنتها ونفوذها العالمي، فمنذ الحرب العالمية الثانية؛ خاضت واشنطن حروبًا وتدخلات عسكرية، مباشرة وغير مباشرة في: (فيتنام، أفغانستان، العراق وليبيا) وغيرهم من الدول، لكن هذه الحروب لم تحقق النتائج المرجوّة، وقد كلّفتها تريليونات الدولارات وأضعفت الاقتصاد الأمريكي، كما اعتبر العديد من المفكرين والسياسيين الأمريكيين أن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان؛ كان مثالًا على الفشل الاستراتيجي الذي أضعف صورتهم أمام العالم. 

لقد كانت المنظمات الدولية المتمثلة في: (الأمم المتحدة، منظمة الصحة والتجارة العالميتين، وصندوق النقد الدولي) أدوات أساسية لضبط العلاقات الدولية، وتحقيق التعاون بين الدول، إلا أن هذه المؤسسات؛ أصبحت عاجزة تمامًا عن فرض قراراتها أو حل النزاعات الكبرى، كما تجلى ذلك في: (المستنقع الروسي-الأوكراني، الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وكذلك التوترات في بحر الصين الجنوبي) فكان ضعف قدرة هذه المؤسسات على إنفاذ قرارات القانون الدولي ومقاصده؛ قد عكس فقدانها للفاعلية، مما ساهم في تفاقم الفوضى الدولية.

لقد شهد العالم في السنوات الأخيرة تصاعدًا في الصراعات المسلحة والتوترات الجيوسياسية بين القوى الكبرى، لا سيما واشنطن والمعسكر الشرقي (روسيا والصين)، وأدت هذه التوترات إلى تفكّك النظام الأمني العالمي، وزيادة احتمالية اندلاع حروب واسعة النطاق أو حرب عالمية ثالثة، وكذلك المنافسة الاقتصادية مع الصين التي تهدّد الهيمنة الأمريكية.
إن تبنّي الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" سياسات "أمريكا أولًا" جعلت الدول الحليفة -أوروبا والخليج- تشكّك في التزام واشنطن تجاه السياسات التي عهدوها منها، فبدأت دول مثل: (السعودية، الهند البرازيل وإيران) تتبنى سياسات أكثر استقلالية عن واشنطن، أو تقترب أكثر من المعكسر الشرقي، الذي يعمل بوتيرة غير مسبوقة على بناء نظام عالمي جديد، يعتمد على مشروع البنك الآسيوي للاستثمار، تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، تطوير أنظمة دفع بديلة، مثل اليوان الرقمي واتفاقيات التجارة الثنائية بدون الدولار، مما خلق جبهة مضادة للنفوذ والهيمنة الأمريكية، ففي فقدها للتفوق التكنولوجي؛ ستفقد التفوق الاقتصادي والعسكري بشكل تدريجي. 

أخيرًا.. إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ما زالت مستمرة بنفس النهج الحالي: (تدخلات فاشلة، فرض عقوبات اقتصادية غير فعّالة، تدهور اقتصادي ملحوظ، انقسامات داخلية والأهم من ذلك؛ المنافسة الصينية-الروسية) وهذا قد يؤدي إلى فقدانها الهيمنة العالمية، هي بالفعل لا تزال قوة عظمى، لكنها لم تعد القوة الوحيدة على الأرض، فالعالم قد تحرك نحو نظام متعدد الأقطاب قد ينهي التفوق الأمريكي وينهي معه النظام العالمي، لأنه أصبح بالفعل غير قادر على إدارة الأزمات الدولية بفعالية حقيقية.



✍🏻 الأغيد السيد علي
13/02/2025

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.