وقفة مع خطاب السيد رئيس الجمهورية العربية السورية "أحمد الشرع" مع الصحفي البريطاني "أليستر كامبل" تحت عنوان: "المقاتل الذي أصبح رئيسًا" ضمن بودكاست في برنامج: The Rest of Politics
بدايةً يجب أن أعترف لكم بأن رئيس الخارجية الأمريكي السابق الراحل "هنري كيسنجر" من أقدر وأكفئ السياسيين الأمريكيين الذين مروا على رأسي في التاريخ الحديث!! بكل تأكيد أتفق وأختلف معه، لكن من حيث الدهاء والذكاء وأغلب الصفات السياسية المحنّكة؛ اجتمعت فيه، حيث قرأت له كتابين ويوجد المزيد ضمن القائمة لهذا العام، تحدث "كيسنجر" في كتابه: القيادة (The Leadership)
عن القادة وأنواعهم، وصنفهم ضمن ثلاثة فئات رئيسية:
رجل الدولة: "Statesman" وهو الذي يملك الوعي بمصلحة الدولة المرتبط بتاريخها، ويعتقد أنه يريد أن يُكمل مسيره في القيادة ليسلمها للأجيال القادمة، وهذا يكون مع الناس يسير معهم وإلى جانبهم نحو الهدف المنشود.
صاحب الرأي: "Visionary" وهو الشخص الذي لديه فلسفة وآيديولوجيا معينة، ويعتقد أنه بإمكانه أن يقود الأمة باتجاه شيء جديد، لذلك هو يسير كالقائد أمام الناس ويقودهم.
الإداري: "Managerial" وهو الشخص الذي يدير الدولة وشؤونها كل يوم، وفق ما تقتضيه الحاجة والمصلحة، في شتّى المجالات: (المعيشية، السياسية والاقتصادية) وهذا يدير الأمور مع فريقه في المكتب.
يدرك السيد الرئيس "أحمد الشرع" بأن سورية ليست مجرد مشروع فردي؛ بل هي عبارة عن كائن تاريخي يستمر عبر الأجيال، لذلك يرى في نفسه مسؤولية كبيرة عن نقل سورية من جيل إلى آخر، مع الحفاظ على الركائز الأساسية، كما يتبنى نهجًا واضحًا في بناء الدولة السورية الجديدة، وبناء المؤسسات وتعزيز استقرار الدولة.
أعتقد بأن السيد الرئيس "أحمد الشرع" لن يكتفي بإصلاح تدريجي في سورية؛ بل يسعى لإحداث تحول جذري كبير في المجتمع، لأنه بالفعل يمتلك رؤية فلسفية وسياسة جديدة، يعتقد أنها الحل الأمثل لمستقبل الأمة -في ذكره عدم تكرار خطأ الماضي- كما يطمح لإعادة تشكيل الدولة على أسس وكفاءات علمية "حكومة تكنوقراط" قد تشمل جميع مناحي الحياة: (الفكر، السياسة، الاقتصاد والاجتماع).
إن السيد الرئيس "أحمد الشرع" -من وجهة نظري- سوف يجمع بين عدة عناصر مهمة: (الاستمرارية والتجديد، الابتكار الإبداعي والتغيير الجذري، الحفاظ على الإرث السياسي والهُوية) وإن حصل هذا التوازن المثالي بين هذه العناصر؛ سوف يستطيع إحداث نقلة نوعية وجوهرية لسورية الجديدة.
أخيرًا.. إن السيد الرئيس" أحمد الشرع" دخل التاريخ من أوسع أبوابه، شاء من شاء وأبى من أبى، كما ذكر ذلك الصحفي "أحمد منصور"، وإذا حقق هذا النموذج المثالي -دعونا نسميه الإصلاح الثوري- سيحصل تغيير عميق، مع إقناع الجماهير والنخب السياسية بأن التغيير ضرورة ملحّة وليس مجرد خيار أو ترف!
السيد الرئيس "أحمد الشرع" يمتلك من الدهاء والحنكة؛ ما امتلكاه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، لأنه بالفعل يمتلك عقلًا استراتيجيًا براغماتيًا قادرًا على تحقيق هذه الموازنة. الموازنة هي بين حماية سورية الجديدة وإحداث التحول المطلوب، ولا ننسى بأن هذا النجاح بالطبع يعتمد على مدى تقبّل المجتمع لهذا التغيير، وقدرة السيد الرئيس "الشرع" على المناورة بين القديم والجديد.
✍🏻 الأغيد
11/02/2025