لقد مرننا بسنوات مزدحمة بالزلزلة والغربلة والتمحيص ..
بفضل هذه الزلازل تساقط في وحل الخيانة الكثير والكثير حتى ممن كنا نعدهم من الأخيار..
نعم ..
مرارة الخذلان وألم الغربة في درب النضال وتناقض الأنصار يوما بعد يوم ..
كل هذا يورث في القلب حسرة وجروح لا تندمل ..
صرخنا وشجبنا واستنكرنا وانهارت قلوبنا وذبح نبضها وذقنا الموت أسى وكمدا ..
لكن حكمة الله أن يغرب الركب ويمحص المؤمنين ويمحق الكافرين ..
هذه الفتن رابت البعض وأسقطته في الشراك سريعا وثبت إيمان البعض وعززت يقين آخرين وعنادهم ..
وغدت ألوان الناس متباينة وصار لدينا خبرة ومجسات استشعار لأعراض الخيانة أو الإصلاح والإخلاص..
في هذه الرحلة الطويلة لم نكن حكماء بما يكفي فقد كان الامتحان عسيرا والأهوال أكبر من حكمة البع وحنكته ..
نسأل الله أن لا نكون قد تلوثنا بذرة ظلم أو خيانة ..
لا بد من الطوفان لتنظف الأرض من الدنس وتخصب الأرض لغرس خير جديد وأمل سعيد ..
كل عام ونحن من ركبان سفينة نوح الصابرين الثابتين الناجين ..
كل عام وطوفان الجبروت والقدرة يفتح أبواب السماء بانتقام منهمر على كل ظالم والأرض مفجرة بعيون الوعيد لتغرق كل جبار عنيد ..
اللهم إنا مظلمون فانتصر ..
وكأننا نرى في باحة الأفق القريب هذا الطوفان ينحسر والأرض تبلع ماءها وتطمر كل مظاهر الظلم والبغي والسماء تقلع لتسطع شمس الحياة وينبت غراس الحرية والأمل والخير ..
كل عام وكل بلاد المسلمين هذه الأرض المخلصة ..
كل عام وكل أوتاد السجن العربي الكبير مطمورة مغيبة مستبدلة بصروح حضارة وعز وخير..
كل عام ونحن أحرار يا بلادي ..
أنا لم أمل الأمل فلا تملي الانتظار ..
فاطمة بنت الرفاعي