رباب:
حصل عندي لبس الآن. أفهم أن الوجدان هو القلب السليم الذي يتلقى الهداية من الله، وبناءً على فهمي، أعتقد التالي: الوجدان، أي القلب السليم، هو السبب في سلامة المنطق.
المعلم:
لو تحدد مفهوم القلب، لأمكن تموضعه، ولكن الخلاف فيه كبير. فهو يستحيل أن يكون العضلة التي تضخ الدم. فما هو إذًا؟
رباب:
القلب ليس العضلة، أكيد، وإنما هو وسيلة تمييز وإدراك تشبه العقل.
المعلم:
قلب الشيء هو "لبه ومنتهاه"، وبالتالي قلب العقل هو منتهاه الذي يحتكم إليه. وما عرض الله براهين وجوده إلا على ذلك العمق الإنساني الذي سماه قلبًا. وخلاف ذلك، سنحتكم إلى مجهول، والمجهول غير صالح للاحتكام.
رباب:
أحتاج أن أتمعن في المعاني وأبحث أكثر، ثم أعود. أتمنى حقًا أن أجد عندك حل معضلة القلب والعقل والعلاقة بينهما. لا نستطيع تجاهل الآيات العديدة التي ذكرت القلب كمصدر للتعقل والبصيرة والهدى.
المعلم:
افعلي، فما قلته قبلها هو رحلتي الخاصة واستنتاجاتي. ولكِ رحلتك الخاصة.
رباب:
إذن أنت تعتقد التالي: باعتبار أن تعريف القلب مجهول ومحط خلاف، فلا نستطيع أن نبني أحكامًا على مجهول، لذلك حضرتك خلصت إلى نتيجة: أن قلب الشيء هو منتهاه. إذاً، منتهى العقل هو القلب. والله تعالى عرض براهينه على ذلك العمق أو المنتهى المسمى "قلبًا". بالنتيجة دكتور، أنت ترى أن القلب والعقل هما نفس الأداة، ولكن الفرق بينهما في العمق. هل فهمي صحيح؟
المعلم:
يفترض أن تلك النقطة هي نقطة من "العقل الأخلاقي"، موجودة عند الإنسان بكونه إنسانًا، وهي قابلة للإلماع والإشراق (قد أفلح من زكاها)، وقابلة لوجود الران عليها (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون).
رباب:
إذن التزكية هي ما يعيننا على الاتصال بذلك المنتهى (قلب العقل).
المعلم:
صحيح. مجمل الخطاب القرآني هو خطاب تزكية، والباقي هو خطاب الفقه، وجُلّه القصد منه التزكية.
رباب:
تمام. سؤال أخير: هل ممكن اعتبار التزكية هي نفسها التقوى؟
المعلم:
التقوى هي درجة من الإحساس بمسؤولية الإنسان عن عمله، تورثه صفات الإحسان في كل عمل. وجوهرها مرتبط بعملية كف الأذى وضبط النوازع. ومثالها متحقق ظاهرًا في الصائم.