استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

حواراتي مع الدكتور جاسم: حمل الأمانة

رباب:

هناك آيات في القرآن أحتار في تفسيرها، ولا أعلم سبب نزولها ابتداءً. ماذا يريد الله تعالى منا أن نفهمه أو نستخلصه منها عندما نقرأها؟ هل تسمح لي أن أسألك عن آية منها ؟

قال تعالى: " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" (سورة الأحزاب. الآية 72).

هذه الآية تثير عندي تساؤلات:

1. هل الله تعالى هو الذي قرر أن يحملنا الأمانة أم أننا نحن الذين اخترنا؟

2. هل حمل الأمانة تكريم لنا أم ظلم؟

3. ما الفائدة من هذه الآية ابتداءً؟ ما الذي يريد الله تعالى أن يوصل لنا من خلالها؟

المعلم:

نرجع خطوة إلى الوراء، يظهر سؤال أعم.

هل نحن مطالبون ابتداءً أن نفسر كل آيات القرآن، ونحللها منطقيًا وعقليًا، ونستخلص منها فائدة أو فكرة نوظفها في حياتنا وفي مهمة الاستخلاف؟

طبعًا إذا استثنينا آيات وصف الجنة والنار في القرآن، سنجد ما يلي : 

• القرآن كله للتفكر.

• هو عابر للزمان والمكان، فيأخذ منه الإنسان بحسب وعيه وتقدم عصره.

• القدر الأساس من فهمه هو ثلاثية "الإيمان، والعمل الصالح، والجزاء".

الآية السابقة لها خمسة تفسيرات تدور حول معنى الأمانة:

• هل هي أمانات الناس بعضهم لبعض، المادية والمعنوية، وإعطاء الحقوق للخلق؟

• هل هي أمانة الفرائض والواجبات الدينية؟

• هل هي كل ذلك؟

وهناك أسئلة حائرة مثل:

• كيف عُرضت على مخلوقات غير عاقلة؟

وأحسن ما قيل في ذلك هو أنها مجاز، فكأنه قال: "عرضها على أهل السماوات والأرض من الموجودات العاقلة."

وهنا تأتي قاعدة مهمة أن آيات الغيب لها جانب حسي مدرك ومتبادر، والعقل بطبيعته يعلم أن لها بُعدًا غيبيًا لا يصل إليه. فنكتفي بحسب المنهج الواقعي بأن نعرف من النص أن هناك عارضًا، وهناك معروض عليه، وهناك الأمانة (فهم الإشارة)، أما الكيفيات (فهم الإيضاح) فهي بعيدة عن متناول البشر.

بقي سؤال: هل ظلمنا الله؟

هذا يعتمد على بدايات البناء الإيماني، حيث تصور الإله:

• هل هو كمال مطلق؟

• هل هو عدل مطلق؟

• هل نحن شركاء له في العلم المحيط؟

فإذا تبين مقام المعبود ومقام العابد، صلح الفهم.

رباب:

تمام دكتور، وضحت الصورة الآن. ويُحتمل أن الآية رمزية فقط، ولا يقصد بها معنى حرفي. هدفها إيصال فكرة أهمية الأمانة وتنبيه الإنسان أن يأخذها بأقصى درجات الجدية. يضرب لنا رب العالمين أمثالًا يريد بها توضيح مفاهيم أعمق لا يدركها إلا أولو الألباب؟

المعلم:

صحيح. و"أولو الألباب" هم أفق وليس نهايات.

رباب:

أولو الألباب هم أفق. هذه لفتة رائعة، ودلالة على أن الأمثال في القرآن حمالة أوجه وعلى طبقات. لكل زمن "أولو الألباب" الخاصين به، سيكشفون عن بُعد جديد لهذه الأمثال.




كتابة: م. رباب قاسمو

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.