استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

الأجهزة المعرفية في التراث الإسلامي (الاتجاه المعياري العقلي)


تناولنا في الدرس السابق المنحى الوجودي والأجهزة التي نتجت عنه، وهما جهاز الفلاسفة وجهاز العرفانيين.
-  كلاهما يستند إلى فكرة وحدة الوجود.
-  هذا المنحى لا يركز كثيرًا على التفاصيل المتعلقة بالأحكام، بل يشرح العلاقات المتبادلة في الوجود.
▪️أما الجهاز المقابل فهو المنحى المعياري، الذي لا يهدف إلى تفسير الوجود، بل إلى إصدار أحكام بشأن الصواب والخطأ في المقولات والمقررات والأفعال. وقد اتخذ هذا المنحى اتجاهين رئيسيين:
1. *الاتجاه العقلي*: يعتمد على مقدمات عقلية ومنطقية في محاججاته، ويفرض هذا المنطق الذي يستخدمه على تفسيره للنصوص.
2. *الاتجاه البياني*: يفيد بأن كل ما هو موجود في القرآن مكتوب باللغة العربية، ويمكن فك شفرة النصوص إذا اتبعنا قاعدة الفهم العرفي التي كانت سائدة في عصر الرسول.
▪️سنتحدث اليوم عن الاتجاه العقلي بشقيه المعتزلة والاشاعره. 

✨ *أفكار المعتزلة*✨

▪️المعتزلة، الأشاعرة، الماتريدية وبقية الاتجاهات الكلامية الأخرى وُلِدت في فترة تاريخية حرجة، في بلاد العراق، حيث كانت النقاشات تدور بين المذاهب بشكل مكثف. 
▪️درس المعتزلة بعمق المنطق اليوناني القديم، وحاولوا دعم وجهات نظرهم بالنصوص والقراءات الدينية من خلال المنطق العقلي الذي صاغوه. اهم أفكارهم:
- إذا كانت قدرات العقل معترفًا بها، فإن بإمكانه التحسين والتقبيح. وعندما يلتقي العقل بالوحي، فإن هناك حقين: حق على الله للإنسان، وحق للإنسان على الله.
- مادام هناك عقل وتكليف، فهناك حقوق معينة لهذا الانسان تقتضي بأن يخاطبه الله تعالى بما يعقله، وأن يكلفه بما هو في مقدوره. وأن يزوده بالارادة لاختيار افعاله والا لا يصح التكليف. 
▪️قرر المعتزلة خمسة قواعد كبرى يبنون عليها تصورهم الكلي:

1. *التوحيد*: يُعتبر الله واحدًا وكاملًا، ومنزَّهًا عن كل نقص. 
2. *العدل*: يؤمن المعتزلة بأن العدل واجب على الله. 
3. *منزلة مرتكب الكبيرة* : المعتزلة يرون أن مرتكب الكبيرة ليس مؤمنًا كاملًا ولا كافرًا خالصًا.
4. *الوعد والوعيد* : يعتقدون بأن الله توعد صاحب الكبيره الكبيره في النار إذا أصر على كبيرته. 
5. *الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر*: يُعتبر من أهم الواجبات.

▪️هذه المقولات تُخضع النص القرآني لمسبقَاتٍ مقررة عقلياً، ويعتبر مفتاحها الأساسي هو "الحق على الله وحق العباد" وأيضا "مبدأ التحسين والتقبيح العقلي". وبالتالي العقل يؤسس الاخلاق، والدين يعززها ويؤكد عليها فقط.   
▪️المعتزلة يرون أن الأسباب فاعلة. فهم يعتقدون أن الله خلق الأسباب وأعطاها القدرة على التأثير. بهذا  يربطون بين الأسباب والنتائج بطريقة تؤكد على قدرة العقل وحرية الإرادة، مع الحفاظ على كمال مشيئة الله وعدله.

✨ *الصراع بين المعتزلة والاشاعرة*✨

▪️اشتبكت أفكار المعتزلة في صراع مرير  مع تيار انفصل عنها وهم الاشاعرة.
- جعل الأشاعرة حقًا واحدًا هو لله، أما الإنسان فهو عبد لا حق له على مالكه.
-  لا تحسين ولا تقبيح إلا بالشرع، وبالتالي الانسان قبل الرسالات هو غير مكلف. 
- يظهر الإنسان وكأنه مختار، ولكنه في الداخل مجبور.
- قدموا مفهوم "الكسب" الذي يعني أن الله يخلق الفعل، ولكن الإنسان "يكسب" هذا الفعل من خلال إرادته.
- عندما تلتقي النار بالورق، يقوم الله بعملية الإشعال، مما أدى إلى زوال السببية.
▪️امتد الصراع المرير لسنوات طويلة، وحقق فيه الأشاعرة انتصارا، بينما تم احراق الكثير من مؤلفات المعتزلة.

✨ *تحليل الجهاز المعرفي*✨

▪️ لسنا في وارد الحديث عن الصواب والخطأ، وإنما نحن في سياق تحليل الجهاز المعرفي الذي سينتج إجابات تتسق مع مقدماته.
▪️لدى المعتزلة مقدمات محددة تؤدي إلى نظرهم إلى الآيات أو الأحاديث أو النصوص التي تأتيهم، في ضوء المعايير العقلية التي وضعوها، وكذلك يفعل الأشاعرة.
- 1. *المصدر* : العقل المعتزلي والأشعري هما المصدر. 
- 2. *الأداة*:  هي البرهان المنطقي لدى كلا الطرفين.
- 3.*الجهاز المولد* : فهو الحق المزدوج عند المعتزلة وحق العبودية لله عند الأشاعرة. 
- 4.*الفهم* : فهمهم للنصوص محكوم بأفكارهم .
- 5. *المنتج* :  تؤثر هذه المعايير على جميع المنتجات.

✨ *الخاتمة* ✨: 

يُعتبر الجهاز المعرفي السائد اليوم، هو الجهاز البياني الذي يستند إليه الفقه التقليدي. لذا، يتوجب علينا طرح عدة أسئلة مهمة: 
- كيف نشأ هذا الجهاز؟ 
- ولماذا عجزت محاولات الإصلاح عن تهذيبه؟ 
- وما هو المستوى الذي وصل إليه في مسار التهذيب؟ 
- هل يحتاج الأمر إلى معالجات جذرية تتماشى مع متطلبات العصر الحالي؟ 
- وهل يمكن أن يكون الجهاز الجديد منافسًا للقديم؟ 
- وما هي الشروط اللازمة لإنتاج جهاز كفء يلبي احتياجات المستقبل؟




اعداد: م. رباب قاسمو
المصدر: برنامج البناء الثقافي لقادة النهضة، الدكتور جاسم سلطان

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.