رباب:
يختلط عليّ الخطاب القرآني. كيف أميز بين الخطاب الآني الذي كان موجهًا إلى الرسول والصحابة والناس في ذلك الزمان، وبين الخطاب العام الذي يعبر الأزمنة؟
المعلم:
الخطاب القرآني له وجهان:
• وجه محلي موضعي متعلق ببيئة المخاطبين، لا تغفله العين.
• ووجه عابر للزمان والمكان يلامس الإنسان مهما كان عرقه أو لونه.
ملامح الوجه المحلي كثيرة:
• اللغة هي العربية، فهي ميسرة للعرب، أما غير العرب فهي عليهم صعبة.
• الخطاب العربي في الغالب خطاب ذكوري نظرًا لهيمنة الذكر كليًا على ذلك المجتمع.
• المرغبات موجهة للذكر العربي، مثل الحور المقصورات في الخيام، وهي ليست مطلبًا عند غير العرب، ولا فكرة الأبكار وغيرها.
• مطالب مثل الخمر، اللبن، الأسرة المريحة، الذهب، الأواني، والزرابي ليست تطلعات كل الناس.
• قضايا مثل الظهار، الأشهر الحرم، أبو لهب وزوجته...
• الصيغ اللغوية جاءت على معهود العرب ولا تحمل صرامة القانون، فمثلاً: "تدمر كل شيء بأمر ربها"، فـ"كل" هنا لا تعني الشمول التام، وإلا لما بقي شيء.
الخلاصة: ما تجدونه من أمور لا تعقلونها، هو خطاب موجه لبيئة محددة، وعند التعميم لا يبقى منها إلا الظلال التي يدركها العقل تلقائيًا.
رباب:
عجيب وصادم هذا الكلام. الخطاب في القرآن ذكوري؟!
المعلم:
نعم، القرآن خاطب الرجال العرب آنذاك بخطابهم الأقرب لفهمهم. لذلك نجد التركيز عليهم وعلى شؤونهم، وكل الصيغ تقريبًا كانت كأنها تخاطبهم. وهذا يلاحظ دون عناء. ولو خاطبهم بغيره لما فهموه.
رباب:
حتى عندما ترد مسائل النساء، يحدث الله الرجال عنا، ولا يحدثنا مباشرة إلا فيما ندر من الآيات. هذا يعني أن القرآن متحيز في خطابه وليس عادلاً!
المعلم:
ولكن ليس القرآن كله، وإنما جزء منه. هذا هو الوجه الذي سألتي عنه، وبقي الوجه الآخر العابر للزمان والمكان، وهو النسبة الأكبر. هذا الوجه يتحدث عن مفاهيم عامة مثل:
• مفهوم الإله
• مفهوم الوجود
• مفهوم الحياة
• مفهوم الإنسان
• مفهوم الرحمة
• مفهوم العدل
• مفهوم التعايش
...الخ
رباب : هناك وجهان في القرآن إذن، ولكن منهما اسلوبه. هذا عجيب بحق!
كتابة: م. رباب قاسمو