استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

حواراتي مع الدكتور جاسم: العلاقة مع أهل الكتاب في أزمنة الحرب والسلم


رباب:

أقرأ الآن في سورة المائدة، وهناك آيتان تثيران تناقضًا في ذهني، وأعلم أنه لا تناقض بينهما، ولكن قد يكون بسبب قصور في فهمي، فخيل إليَّ ذلك،  ولذلك لجأت إليك.

الآية الأولى:

" الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (سورة المائدة، الآية 5).

الآية الثانية:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (سورة المائدة، الآية 51).

سؤالي الأول: لماذا لم يأذن الله تعالى للمسلمين بموالاة أهل الكتاب، في حين أنه أذن لهم بالزواج من نسائهم؟

سؤالي الثاني: عندما تكون الأم مسيحية أو يهودية، فإنها ستؤثر تأثيرًا كبيرًا على تفكير أبنائها وتوجههم الديني، خصوصًا إذا كانت متدينة، تذهب إلى الكنيسة وتحتفل بمناسباتها الدينية. وهذا شيء بديهي ومتوقع، وأكيد أن رب العالمين يعرف هذا. فلماذا سمح به إذن؟ أليس من الأجدر والأكثر حفاظًا على الدين لو كان الله تعالى قد حرَّم ذلك؟

المعلم:

الولاء والبراء جاء في سياق الحرب، وبالتالي فإن وجود علاقات مع أهل الكتاب قد يسمح بتسريب معلومات للعدو، لذلك حد منها.

أما في السلم، فآيات القرآن صريحة:

" لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"(سورة الممتحنة، الآية 8)

"إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"(سورة الممتحنة،الآية 9)

أما الإذن بالزواج من الكتابية فلا يمنع من أخذ الاحتياطات ورعاية المصالح.

رباب:

تمام، سياق الحرب له دائمًا أحكام خاصة. بالنسبة للزواج، لماذا لا يجوز العكس، أي أن تتزوج مسلمة من كتابي؟ هل هناك سبب غير أن الأبناء يولدون على دين أبيهم؟

المعلم:

هذا هو التعليل المشهور، ويمكن تخيل إجابات تخمينية، لكن بما أنها تخمينات فهي لا تصل إلى القطع بحال. ولكن هكذا ورد النص.

رباب:

ما هو رأيك الشخصي؟

المعلم:

الزواج في ذاته ليس شأنًا تعبديًا بل مقاصديًا. هو علاقة تحدث بين البشر، سواء نزل بها الدين أم لم ينزل. وبالتالي، فالتدخل الديني فيها هو تنظيمي وليس إنشائي. ومن الواضح أنه في فجر الإسلام كان هناك مصلحة غالبة، ربما نظرًا لقوة الإسلام الذاتية وروح التدين الجديد وطبيعة الأسرة الممتدة، حيث يولد الأبناء تحت رعاية الجد والجدة والعمات والخالات. وكان الرجل يقيم بين أهل عزوته وقبيلته. فمجموع المؤثرات كان لصالح إسلام الأبناء. ولكن مع اتساع دائرة التمدد في عصر عمر، سنرى أنه كان يُنهى عن الزواج من الكتابيات لتغير ظروف المجتمع وانتقال العرب إلى بيئات جديدة بعيدًا عن قبائلهم. لذلك "الإذن والمنع" يتم بالنظر إلى كل حالة والتأكد من آثارها.

رباب:

الآن انتظمت الأحكام في سياقها المنطقي المقنع، وزال الإشكال. شكرًا جزيلاً.



كتابة: م. رباب قاسمو

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.