- لا يمكن فهم الإدارة بشكل سليم دون معرفة السياقات التاريخية والثقافية التي نشأت فيها الأفكار الإدارية.
- سنعرج على اهم اشكاليات فهم الادارة في العالم العربي، ثم ننطلق في فهم السياقات التي تطورت من خلالها الافكار الادارية عبر ثلاثة مستويات .
*إشكاليات الفكر الإداري في العالم العربي* :
*الاستعارات الناقصة*
- من المهم أن يكون لدينا إدارة عربية وإسلامية، ولكن بشرط أن تكون نابعة من بحوث تستند إلى البيئة العربية التي نعيش فيها.
- نطبق فيها فرضيات على واقعنا ونستخلص نتائج.
- أما أن نحضر أفكار الآخرين ثم نُلبسها لباساً محلياً ونعتبرها إدارة عربية وإسلامية، فهذا جهد ضائع.
*تداول الأفكار الإدارية دون السياقات التي أنتجتها
- عندما نتناول أفكاراً مثل الهندرة أو الإدارة بالأهداف، نحتاج إلى معرفة السياقات التي ولدت فيها.
- معرفة السياقات يساعد صناع النهضة على فهم أن هذه الأفكار لم تولد في فراغ، ويفيد في تحديد حدودها وفوائدها.
*تطور الأفكار في علم الإدارة*
تطورت الافكار عبر ثلاثة مستويات
*مستوى أول - التحضير لعلم الإدارة*
- لم تنشأ الإدارة نتيجة تطور مفاجئ، بل كانت موجودة عبر التاريخ.
- كل مجتمع في الماضي كان لديه نظام إداري خاص به، مثل البيروقراطية التي كانت تضبط إدارة الدولة. أما التنظير للعملية الإدارية فهو جهد معاصر.
*1.سان سنو (Sun Tzu) - كاتب كتاب "فن الحرب"* :
- الذي يعود إلى حوالي 500 عام قبل الميلاد. هذا الكتاب، يوضح فيه تُدار الجيوش.
- تضمن قواعد يجب أن يتبعها قائد الجيش لتحقيق نتائج محددة.
*2.نيكولو ميكافيللي (Niccolò Machiavelli)*
- كاتب "الأمير"، الذي نُشر في عام 1532. وضع قواعد للإمارة تساعد القادة على إدارة الصراعات وضبط الإيقاع في المجتمعات .
*3.فريدريك تايلور (Frederick Taylor)*.
- مؤسس الإدارة العلمية، وقد بدأت أعماله في أوائل القرن العشرين، مع كتابه "مبادئ الإدارة العلمية" في عام 1911.
- فريدريك كان مهندسا مشرفًا على ورشة عمل، لاحظ ضياع الكثير من الوقت من قبل العمال. أنشأ نظامًا جديدًا :
- يركز على تقسيم العمل، حيث يُكلف كل عامل بمهمة واحدة، مما يزيد من الكفاءة.
- توفير أدوات العمل بالقرب من العامل لتقليل الوقت الضائع.
- فكرة خط الإنتاج، التي ساهمت في تحسين تنظيم العمل وزيادة الإنتاجية.
*4.تلاه هنري جانت (Henry Gantt)* .
- طور مخطط جانت الشهير الذي استخدم لأول مرة في عام 1910. يستخدم لإدارة المشاريع، يساعد في تنظيم العمل وتتبع التقدم.
*5. ثم جاء الزوجان "جيلبريث" Lillian and Frank Gilbreth*
- عام 1927 وتساءلوا حول أهمية العوامل التي تؤثر على الربحية في بيئات العمل.
- ظهرت أسئلة حول العلاقة بين الزمن والحوافز، حيث أظهرت الأبحاث أن العامل الذي يعمل لفترات طويلة دون وجود حوافز يشعر بالتقليل في إنتاجيته، مما يؤثر سلبًا على ربحية المؤسسة. .
*6. ثم ظهر هنري فايول (Henri Fayol)*
- قدم مبادئ الإدارة الأساسية في كتابه "الإدارة العامة والصناعية" الذي نُشر في عام 1916.
- قدم 14 مبدأ أساسيًا للإدارة، منها أهمية تلقي الموظف الأوامر من جهة واحدة والتأكيد على العدالة والاستقرار الوظيفي لدى الموظفين
*7. ثم ميرفي تالوت (Murphy Talbot)*
- في عام 1935. أكد أن الشركات التي تعمل بعقلية هرمية لا تحقق الأرباح. يجب أن يكون هناك حوار أفقي لتعزيز الأداء.
*8. ثم جاء آلان برنارد (Chester Barnard)*
- نشر كتابه "وظيفة الرئيس" في عام 1938، والذي يتناول فيه اهمية توافق أهداف المنظمة مع أهداف الأفراد.
- ذكر أن نجاح المؤسسة يرتبط باتفاق أهدافها مع أهداف العاملين فيها.
*9. ثم ظهرت المدرسة السلوكية في الادارة*
- ركزت "دراسات هوثورن" 1932 التي قادها الباحث "إلتون مايو" على تأثير العوامل الاجتماعية والنفسية على إنتاجية العمال.
- شهدت نقلة نوعية في فهم سلوك العاملين والعوامل التي تؤثر على أدائهم.
- مثل : تأثير الاضاءة. العلاقة بين زيادة الأجر وتقدير العامل لعمله. تاثير طول ساعات العمل.اهتمام المدراء بالعمال وغيره .
*10. ثم ظهرت نظرية ماوسلو*
- في عام 1970، قدم أبراهام ماسلو نظرية هرم الحاجات، التي تتضمن تصنيف الحاجات الإنسانية في شكل هرم مكون من عدة مستويات:
- الحاجات الأساسية: مثل الطعام والماء.
- حاجات الأمان: تشمل الأمان الوظيفي والمأوى.
- الحاجات الاجتماعية: مثل الحب والانتماء.
- حاجات التقدير: تتعلق بتقدير الذات واحترام الآخرين.
- حاجة تحقيق الذات: الوصول إلى إمكانيات الفرد الكاملة وتحقيق الإنجازات.
- فبمقدار ما يلبي له المجتمع احتياجاته فإن الفرد يسهم بفاعالية في هذه المجتمع ومؤسساته .
*الخاتمة* :
- إذن تطور دور العامل من مجدر ترس في ماكينة يعمل وفق خطة وزمن. الى جزء فاعل في العملية الادارية .
- تطورت المؤسسات لتصبح بيئات عمل تشجع على التعاون والتفاعل.
- بهذه الطريقة، تحولت بيئات العمل من التركيز على التنفيذ الصامت إلى تشجيع الحوار والمشاركة الفعالة في صنع القرار.
- هذه التطورات الأساسية في علم الإدارة هي ما نقلتنا إلى العصور الحديثة. سنتعرف على تلك النقلات الكبرى في الدرس القادم.
اعداد: م. رباب قاسمو
المصدر: برنامج البناء الثقافي لقادة النهضة، الدكتور جاسم سلطان