يغريني كثيرا التأمل في تاريخ الأمم وسنن الله في تتابعها وتغير أحوالها..
أقف بكثير من الأسى على بعضها وكثير من الفخر والتيه على البعض الآخر..
ولكنني في كل مرة أخرج بنتيجة يأبى كل الساسة أن يفقهوها ويأنفوا أن يخضعوا لسلطانها..
وهي أن التضلع بالغايات السامية لا يورث والجسارة الخارقة لا تلقن..
فكم في تواريخ الأمم من نماذج خارقة لخطط الآباء وأبناء على غير مثال الأجداد..
فهذا الصحابي الجليل عكرمة بن (أبي جهل فرعون هذه الأمة) الذي أسلم بعد الفتح وكان قائدا لجيش الردة وقاتل في اليرموك قتال الظامي حتى استشهد رضي الله عنه..
وهذا جنكيز خان الذي زلزل عرش الإسلام وطار اسمه بالرعب في كل ديار الإسلام؛ يؤسس أحفاده دولة من أعظم الإمبراطوريات في تاريخ الإسلام الدولة المغولية..
وهذا سليمان القانوني سلطان البحار السبعة صاحب أعظم سلطة إسلامية لم يكن بنوه وأحفاده على سيرته ولم يصونوا ذلك الإرث العظيم..
وحين تضعضعت شوكة الإسلام في بغداد لم يكن آل زنكي الذين جددوا الأمل وجمعوا كلمة المسلمين من بني العباس ولم يكن صلاح الدين الكردي الذي فتح بيت المقدس من آل زنكي..
نعم فتحت القدس وطهر الساحل وفرح المسلمون ولكن أبناء صلاح الدين سلموا القدس مرة أخرى دون أن يستلوا سيفا من غمده..
فكم ضاع للأمة من أمجاد وسفكت من دماء فقط ... لأن الورثة لعقد الأمة وراياتها ليسوا أهلا لشرفها ولا يملكون الهمة وهم الغاية ..
وسنة الله في أرضه أن يبعث من يجدد لهذه الأمة أمر دينها وينهض بعزها ويرفع رايتها ويحقق سؤدده ويصنعه بقدرته على عين عنايته وتدبير حكمته..
نعم نحن الآن في تشرذم وضعف وتكالبت علينا الأمم لكن من عمق هذا البؤس ستشرق شمس الأمل وسيقيض الله لنا أمر رشد وسيعز هذه الأمة ويجمع بالحق عقدها من جديد بعون الله..
بشروا ولا تنفروا وابذلوا بسخاء الحارث الواثق في قطر السماء وكرم الرازق..
لن يضيعنا الله مادمنا على درب الحق في سبيلها..
بقلم: فاطمة بنت الرفاعي