رباب:
أقرأ الآن تفاسير خمسة أئمة: ابن كثير، البغوي، القرطبي، الطبري، السعدي.
هناك إنكار كامل لفكرة أن المسلمين مأمورون فقط بالقتال في حالة الدفاع، وهناك إجماع كامل على أن الآيات كلها منسوخة بالآية الكريمة:
" فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " (سورة التوبة: 5)
سؤالي:
هذا الإجماع على فكرة ( الهجوم على المشركين دون أن يبادرونا القتال هو الأصل)، بالتأكيد وراءه قناعة ناتجة عن فهم معين. من أين جاءت هذه القناعة؟
المعلم:
شرحت ذلك بالتفصيل في:
• النسق القرآني في مقابل التجزئة.
• النظام البياني في مذكرة النظام الواقعي.
الخلاصة: هناك مقدمات مغلوطة حكمت المنهج، وأنتجت كل هذه التناقضات.
رباب:
تمام، ولكن ما أود معرفته تحديدًا هو: متى تمامًا بدأ الخلل والابتعاد عن النسق؟
المعلم:
إن مشروع التفسير والفقه لم ينبنِ على منهج توحيدي تتقدمه الفلسفة، وإنما على معالجة كل آية بمفردها من غير النظر لمطلب العدل والرحمة والاتساق. وبالتالي، يتم جمع أقوال متضادة، ثم إذا وجدوا مشكلة قالوا بالنسخ.
رباب:
تمام. ولكن من المؤكد أن الرسول والخلفاء من بعده كانوا مدركين لفلسفة الإسلام، ولم يحتاجوا لتفسيرها وتفصيلها بأحكام فقهية. إذًا، الخلل حدث بعد انتهاء زمن النبوة، صحيح؟
المعلم:
نعم، زمن النبوة صحيح. أما ما بعده فهي أفهام بشرية. اختلط السياسي العابر بالآزلي الخالد، واستخدموا "ردم الفجوات" كآلية. فالأمر بقتال المشركين وتعليله بالشرك اصطدم بأن أهل الكتاب مشركون، فاستثنوا أهل الكتاب. ثم عندما فتحت فارس استثنوا المجوس، ثم عمموا الاستثناء على البلدان المفتوحة. يمكنك قراءة "فقه الجهاد" للقرضاوي لمحاولة فهم آلية "ردم الفجوات".
رباب:
تمام. آلية "ردم الفجوات". الآن أمسكتُ رأس الخيط وأستطيع الانطلاق منه.
كتابة: م. رباب قاسمو