استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

من أشد الأنبياء بلاء ..؟

منذ البارحة يحاصرني هذا السؤال..

نعلم جميعا أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل..

لكن أي الأنبياء أشد بلاء ؟

مرت بذاكرتي قصص الأنبياء جميعا المحفورة منذ الطفولة وما أضيف لها عبر سني عمري .. 

توقفت مستعبرة ومشفقة عن نبي الله يونس عليه السلام..

1. ذلك النبي الذي ابتلي ابتداء بخذلان قومه 

2. وضيق بلاده عليه حتى خرج منها مغاضبا

3. وحيرته وقلقه على مستقبل رسالته وشرف نبوته

4. واغترابه عن أهل يعرفون قدره

5. وشعوره بضيق الأرض عليه حين عزموا أن يلقوه للحوت 

6. وغلبة الظن بالهلاك وهو في طريقه من أعلى المركب إلى فم الحوت

7. وظلمات الأرض والبحر وضيق الأنفاس في بطن الحوت ..

8. وإبحار في أعماق يتوقف فيها الزمن ويتساوى فيها الليل بالنهار ..

9. ولا طعام ولا شراب وبالكاد الهواء ؛ كلها قاطعات بالهلاك المحتوم..

10. و انعدام الصاحب والونيس الذي يوسي ويصبر ويثبت .. فلم يجد من يقل له " لا تحزن إن الله معنا"..

لكن يونس عليه السلام كان راسخ الإيمان أثقل من الجبال الراسيات ..
أي إيمان ويقين يبقى بعد كل هذه الأهوال..؟
إلا أن ما وقر في القلب حتما يصدقه العمل مهما عايشت الحواس من قيامات وأهوال .. 
"فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" 
فحنت له الملائكة وخشعت لضارعته السموات والأرضون وحتى أسماك البحر .. 
ظل يردد بيقين العبد الواثق أن صوته يصل لربه يقينا ..
وينتظر بثبات الواثق من حلم الله ورحمته ..
"فاستجبنا له ... ونجيناه من الغم "
لماذا ....؟
"وكذلك ننجي المؤمنين"
هذه اللحظات الفارقة في حياته التي خفيت عن العالمين وشاء الله أن يخلدها وييربينا بها حتى يرث الأرض ومن عليها.. 

11. "فنبذناه بالعراء وهو سقيم" بعد هذه المعاناة يبقى بشرا يتسم بضعف والمرض بعد هذا الكرب..

"وأنبتنا عليه شجرة من يقطين" عناية ولطفا ورحمة .. 

12. " و أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون" .. يا إلهي أنه خرج من أهوال كثيرة وثبت في اختبارات متلاحقة؛ ولكن يصارع فكر 100 ألف إنسان.. ؟
لقد سبقه نوح عليه السلام ولبث في قومه 950 عام وما آمن معه إلا قليل حتى ابنه آوى إلى جبل ولم يسمع نصح أبيه وقد قال الله عنه " يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح" فصبر وثبت عليه السلام.. 
أي اختبار هذا لنبي الله يونس .. فتنة عظيمة ومخاطرة كبيرة تحتاج لقوى بشرية ومهارات إقناع خارقة للعادة بالمنطق البشري .. 
لكن اليقين الذي تغلب على هلاك الظلمات قادر على مصارعة البشر كلهم؛ إذعانا لله وامتثالا..
لكنها مرحلة القطاف لكل ما سبق والتكريم على كل ما قدم .. 
"فآمنوا فمتعناهم إلى حين" 
لم يؤمن قوم نبي كلهم إلا قوم يونس عليه السلام..
"فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين " 
أي تشريف وقرة عين وجبر خاطر وتعويض صبر لهذا النبي الذي ذاق أهوال الاختبارات والبلاءات وصبر وثبت .. 
والأنبياء بشر عصمتهم عن الذنب وليس عن المشاعر الإنسانية  ولا خرقا للقوى البشرية ..
ترى هل نتعلم نحن أيضا أن النصر مع الصبر..؟
هل نتعلم أن الدين والإيمان يقين الراسخ في القلب؛  يصدقه العمل حين تتابع الصواعق المهلكة ؟
هل نؤمن أن الله لا يضيع أجر المحسنين؟ 
هل نعي أن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب؟ 
هل نقتنع أن الحق ليس بحاجة لنا بل نحن بحاجة لطوق نجاته لننقذ أنفسنا ونرقى بها إلى حيث موضع تكريم الله لها ؟
ليتنا نتأسى ونتعلم ؛ فعلا لا قولا ؟




بقلم :  فاطمة بنت الرفاعي 

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.