ما هي التصورات الكبرى للقيم التي تجعلنا مجتمعا فاعلا ، ونسير في مسار التقدم الاممي أو العكس ؟
وفي هذا السياق يقدم لنا علم الاجتماع واحدة من اهم الادوات لدراسة التجمعات البشرية ومقاييس ومؤشرات لحيوية المجتمعات وتطلعاتها من حيث قابليتها للتقدم من عدمه ، وذلك من خلال مناظير ثمانية تعطينا مشهدا بانوراميا للمجتمع وتصوراته الكبرى ، كيف يبدو والى اين يتجه ، وما قدرته على العطاء والانتاجية ، وما قدرته على سد احتياجاته ، وما مدى قابليته لتلقي الصدمات والتأقلم مع الأزمات ، وهل فلسفته في الحياة منفتحة على الأخر أم منغلق على ذاته ، وهل يقدم نموذجا يقترب من روح القرآن وتعاليمه وسماحته ام لا ..
المفتاح السادس : النظرة للعمل
كيف تنظر مجتمعاتنا لفعل الإنسان في الحياة ؟
فالمجتمعات البشرية تعيش سباقا محموما للبقاء والاستقرار والنماء ، معتمدة في ذلك على كفاءة العنصر البشري ، ودرجة عطائه ، إلا ان النظرة للعمل تتفاوت من مجتمع إلى آخر ، فبينما تقدس بعض المجتمعات العمل وتحرص على إتقانه واخراجه بأفضل جودة ، وتجعل ذلك معيارا لقيمة الشخص .... في المقابل هناك مجتمعات يتسم أفرادها بالكسل ، وعدم الرغبة في العمل ، ويقل في هذه المجتمعات الاهتمام باتقان للعمل واستشعار اهمية الجودة ...
فالعمل مرتبط بمحركات ثلاثة :
- ◄الاول الانجاز : ولا يتــم الا بوجود مخرجات محددة يبتغيــها العمل ، وبها يقاس تمامه ، فبدون معرفة المخرجات المرجوة لا يمكن توجيه العمل ، وبقدر أهميتها يبذل العاملون الجهد .
- ◄الثاني الفاعلية : ويقصد بها التوصل للمخرجات المرجوة بغض النظر عن الوقت والتكاليف .
- ◄الثالث الكفاءة : ويقصد بها التوصل للمخرجات بأقل زمن وتكلفة ، وبأعلى جودة .
وهنا لنا ان نسئل انفسنا :
هل نحن مجتمع يعمل على سد احتياجاته بنفسه ؟
هل يرى العمل مسؤولية وأمانة سيحاسب على التقصير فيها ؟
المفتاح السابع : النظرة المجتمعية الداخلية
كيف ينظر أفراد المجتمع إلى بعضهم البعض – المواطنة - ؟
مازالت الفجوة شاسعة بين الإعلان عن حقوق الإنسان سواء العالمية أو الإسلامية ، وبين تطبيق ذلك على ارض الواقع .... ولكن هناك مجتمعات تقدمت كثيراً في هذا المضمار لخلق المواطنة والمساواة بين أفرادها وعمل مسطرة قانونية واجتماعية واحـدة للجميع ، ولازالت مجتمعات أخرى عالقة لا تحرز تقدماً يذكر .
وهناك ملفات مهمة في هذا السياق ولنا أن نسأل :
- كم درجة تقدمنا في ملف المواطنة المتساوية بين افراد المجتمع ؟
- كم درجة الإحترام والتقدير السائدة بين أفراد المجتمع ؟
- كم درجة البر والقسط مع غير المسلم في المجتمع المسلم ؟
المفتاح الثامن : النظرة للمجتمعات الخارجية
كيف ينظر المجتمع للمجتمعات الأخرى ؟
هل هي نظرة تتسم بالعدوانية أم تتسم بالود ؟ وهل تنتشر قيم السلام والتعاون أم قيم العدوان والحرب والقطيعة ؟
القرآن والآخر :
فالقرأن الكريم يؤكد وحدة الأصل البشري: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) سورة النساء الآية 1 .
ويؤكد على سنة الاختلاف : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ) .
وسنة التعارف الكوني : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) سورة الحجرات الآية 13 .
ويؤكد على ان السلم والسلام يقتضي البر والقسط : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) سورة الممتحنة الآية 8 .
ولنا هنا ان نسأل :
• هل تتسم علاقتنا بالآخر البعيد المختلف بالبر ( أعلى درجات الإحسان ) ؟
• ام تتسم بالعدوانية والتوتر والقطيعة ؟
كتابة: صالح البدوي