ما هي التصورات الكبرى للقيم التي تجعلنا مجتمعا فاعلا ، ونسير في مسار التقدم الاممي أو العكس ؟
وفي هذا السياق يقدم لنا علم الاجتماع واحدة من اهم الادوات لدراسة التجمعات البشرية ومقاييس ومؤشرات لحيوية المجتمعات وتطلعاتها من حيث قابليتها للتقدم من عدمه ، وذلك من خلال مناظير ثمانية تعطينا مشهدا بانوراميا للمجتمع وتصوراته الكبرى ، كيف يبدو والى اين يتجه ، وما قدرته على العطاء والانتاجية ، وما قدرته على سد احتياجاته ، وما مدى قابليته لتلقي الصدمات والتأقلم مع الأزمات ، وهل فلسفته في الحياة منفتحة على الأخر أم منغلق على ذاته ، وهل يقدم نموذجا يقترب من روح القرآن وتعاليمه وسماحته ام لا ..
المفتاح الثالث : النظرة للعلم
ما هي العلاقة بالعلم في المجتمع ؟
هناك مجتمعات تعيش على التفسيرات الخرافية والسحر والجن ، وهناك مجتمعات تعتني بعلوم تاريخية غير منتجة ، وشعوب أخرى تعيش على انتظار الإلهامات والرؤى ، وهناك شعوب تعتني بالعلوم الفلسفية ، وهناك أمم تعتني بالعلوم التجريبية ولغة الأرقام ، فما الذي يغلب على مجتمعاتنا وأي وعي لدينا بطبيعة تصوراتنا العلمية ؟
القرآن والعلم:
حين تقرأ القرآن تجد آيات كثيرة تتكلم عن مداخل المعرفة ( وَاَللَّه أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُون أُمَّهَاتكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل/78.
ثم أمره بأن يقرأ ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) العلق/1 .
ولاهمية العلم تكرر ذكر العقل والألباب والأفئدة والتدبر عشرات المرات في القرآن الكريم .
وجعل حقيقة الخشية قرينة العلم ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) .
- وجعل سقف العلم مفتوحاً ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) .
- وجعل طلب الزيادة فيه دعاء ( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) .
وهذا يطرح سؤالاً عميقاً على المجتمع:
- هل علاقتنا بالمنهج العلمي الذي يسخر المادة قوي وناضج ، فنحن نعتمد التجربة المخبرية ولغة الارقام ؟
- هل نبني عقلية منفتحة على التساؤل والفحص العلمي للأشياء ؟
المفتاح الرابع : النظرة للآخرة
ما هو تصورها للعلاقة بما وراء الطبيعة - الآخرة في حالتنا - ؟
مفهوم الآخرة والحياة الأبدية والثواب والعقاب مفهوم مؤثر في حياة المؤمنين ، فهو يعني وجود محاسبة ومسؤولية تمتد لما بعد الموت ، وعليه كان من المفترض أن نشاهد مجتمعات الإسلام هي الأكثر إتقاناً وإحساناً وجلداً في المصانع والمعامل والمزارع والمستشفيات والخدمة الإنسانية رجاء الثواب والفلاح وخوف العقاب والخسران المبين ....
إن كل خلل في التوازن مضر بالأمة ، فالأمة تحتاج لحماية وجودها وكرامتها ولو أهملت الدنيا استبيحت واستذلت ، وهي في المقابل بحاجة لحماية آخرتها ولو تركت العمل لها لعاشت الخسران الأبدي .
وعندها حُق لنا أن نسأل :
هل خطابنا العام في المساجد والمواعظ يصب في خانة الإتقـان والإحسان والنظام ، ويوظف قوة الدفع لإحداث التقدم في الحياة باعتبارها جزءاً اساسياً من مشروع الدين أم يحدث العكس ؟
المفتاح الخامس : النظرة للوقت
ما هي علاقتنا بالزمن ؟
هناك أمم عقلها معلق بالماضي ، أحاديثها وقضاياها ، غير معنية بالمستقبل كثيـراً ، وهناك أمم منشغلة بالمستقبل وعياً وتخطيطاً وعملا ، فاتجاه التفكير مهم والأهم منه الشعور بقيمة الوقت ، فهناك أمم تعتقد أن الوقت ثروة ، فهي في تنافس لأخذ أكبر قدر منه ، وهناك أمم تعتبر أنه عبء وتتفنن في إهداره ، فأي المجتمعات أنتجنا ؟
إن الوقت عند أعــداد غفيرة من الأمة هو عـبء يخطط الناس للتخلص منه .
كيف نمضي السهرة ؟ كيف نمضي الإجازة ؟ كيف نجد حجة للتملص من الدوام ؟
ويحق لنا أن نسأل مجتمعنا :
كم الوقت الحقيقي لإنتاجية الفرد عندنا ؟