استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

النهر القديم: (الطاقة الأبدية للنهوض)

يقول مالك بن نبي: “الزمن نهر قديم يعبر العالم منذ الأزل، فهو يمر خلال المدن يغذي نشاطها بطاقته الأبدية، أو يذلل نومها بأنشودة الساعات التي تذهب هباء. وهو يتدفق على السواء في أرض كل شعب ومجال كل فرد، بفيض من الساعات اليومية التي لا تغيض، ولكنه في مجال ما يصير ثروة، وفي مجال آخر يتحول عدماً. فهو يمرق خلال الحياة، ويصب في التاريخ تلك القيم التي منحها له ما أُنجز فيه من أعمال”.

‎عندما نشاهد المدن ونتأمل مظاهر الحضارة التي بناها الإنسان، نجد أن التاريخ يعطينا “عدسة” تمكننا من رؤية دوره العظيم في بناء تلك الحضارات. 

ستجد الزمن، كما وصفه مالك بن نبي، كنهر قريب في بعض الأماكن وبعيد في أخرى. في المدن المزدهرة، يقترب الناس من هذا النهر ويغترفون منه بقدر الإمكان، لأنهم يدركون قيمته ويستثمرون فيه. أما في الأماكن التي تراجعت فيها الحضارة، يكون الزمن قد تحول إلى عبء، حيث يحاول الناس التغاضي عنه أو قتله حتى جف النهر وابتعد.

‎لقد وزع الله عز وجل عوامل النجاح بعدالة بين جميع البشر، وعلى رأس هذه العوامل “الزمن”. فالزمن هو العامل الذي لا نستطيع أن نتحكم فيه أو نستهين بقيمته.

‎الإنسان، هذا المخلوق العظيم، محكوم بالزمن وبالتاريخ بأبعاده المختلفة. 

والتاريخ دائمًا يثبت أنه مجال التجربة والخطأ وإعادة التجربة، ولكنه بالرغم أنه يتحرك في اتجاه واحد، إلا أنه مرتبطه أبعاده ببعض ارتباط عجيب، فالماضي يؤثر في الحاضر، والحاضر يرسم ملامح المستقبل.

المجتمعات التي تدرك هذه الحقيقة، وتعيش تحت ظل فلسفة تاريخية قوية و واضحة، تستطيع تحقيق النهضة والتنمية. فهي تدرك أن كرامة الإنسان تكمن في تمكينه على استخدام عقله ووجدانه لتحقيق التقدم. حتى وإن لم تكن تلك المجتمعات مثالية، فهي تعرف أن النهوض دائمًا ممكن، وأن الزمن هو النهر الذي يمنحها الفرصة للإبداع والتجدد، و يسقي لها القيم التي تتبناها
‎في المقابل، هناك مجتمعات أخرى جف فيها نهر الزمن وهم نيام. أفراد هذه المجتمعات يعيشون حالة من العطش دون أن يدركوا سبب ذلك. البعض قد يشعر أن شيئًا ما ينقصه، والبعض الآخر يشاهد النهر من بعيد ويستذكر الأيام التي كان فيها قريبًا. لقد أهملوا الزمن حتى تراجع وغاب عنهم، وأصبحوا يشاهدون حضارات أخرى تتقدم بينما هم في تراجع مستمر،يلملمون بقايا القيم التي كانوا يوماً ما يحلمون بها.

‎إن النهضة الحضارية ليست مجرد حلم، بل هي واقع يتحقق لأولئك الذين يدركون أن الزمن ثروة. الأمم التي تستثمر في الزمن هي التي تبني المستقبل، بينما تلك التي تهمله تظل محاصرة في الماضي


✍🏻 ريم سويد

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.