استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

أولويات الشام: حرب الديموغرافيا وبناء المستقبل..رؤيه استراتيجيه


لا شك أن أخطر التحديات التي تواجه الشام والمنطقة المحيطة بالقدس ليست الهزائم العسكرية العارضة، بل حرب الديموغرافيا التي تهدف إلى تفريغ المنطقة من سكانها الأصليين، وخاصة المجتمعات السنية، وتحويل الجغرافيا إلى أداة لتنفيذ مخططات سياسية وديموغرافية تخدم أطرافًا إقليمية ودولية.

حرب الديموغرافيا: الخطر الأكبر

يمتد الصراع الديموغرافي من الشام إلى الضفة الغربية وغزة، وصولًا إلى الأردن وسيناء. هذا الصراع أخطر من أي معركة عسكرية، حيث يستهدف تغيير الهوية الديموغرافية لمحيط القدس، وهو ما يتم بتخطيط دقيق واستغلال الأزمات الداخلية. إيران والنظم العربية الداعمة للمخططات الصهيونية ركزت جهودها على تفريغ الجغرافيا من سكانها السنة، إما عبر التهجير القسري أو خلق بيئات غير صالحة للعيش.

في هذا السياق، ارتُكبت أخطاء كارثية من قبل بعض التنظيمات والفصائل التي لم تستوعب طبيعة الصراع ولا أولوياته. هذه الأخطاء ساهمت في تفاقم الأزمة وتسهيل تنفيذ تلك المخططات.

الرهان على عودة المهجرين

رغم الخسائر الكبيرة، يبقى الرهان الحقيقي هو العمل على إعادة المهجرين إلى ديارهم، حيث يشكلون العمود الفقري لإعادة التوازن الديموغرافي في المنطقة. إعادة 14 مليون مهجر سوري ليست فقط هدفًا إنسانيًا، بل هي ضرورة استراتيجية للحفاظ على هوية الشام ومحيط القدس.

ما نراه اليوم من دعم تركي، خاصة في تأمين بيئات ملائمة لعودة المهجرين، يعد خطوة في الاتجاه الصحيح. ورغم الانتقادات السابقة لدور تركيا في مراحل معينة من الأزمة، فإنها بدأت تساهم بفاعلية في دعم جهود إعادة المهجرين، سواء داخل حدودها أو عبر مناطق الشمال السوري.

النصر الحقيقي: الاستقرار الديموغرافي


الهيمنة العسكرية على دمشق أو غيرها ليست هي المعيار الحقيقي للنصر. الفتح الحقيقي للشام يكمن في إعادة الاستقرار الديموغرافي وبناء مؤسسات تخدم الجميع. على الشاميين أن يدركوا أن عدم الاستجابة لأي استفزازات أو انجرار إلى نزاعات جانبية هو شرط أساسي لتحقيق هذا الهدف.

أي صراع داخلي أو استجابة لمخططات إشعال الفتن سيؤدي إلى عرقلة العودة واستمرار حالة التهجير. لهذا، يجب أن تكون الأولوية واضحة: عودة المهجرين وتأمين بيئة صالحة لهم قبل الانتقال إلى أي أهداف أخرى.

إدراك الأولويات: مفتاح النجاح


هناك إشارات إيجابية على أن الشعب السوري بدأ يدرك أهمية هذه الأولويات. وعي الشاميين بأن عودة المهجرين هي المفتاح الأساسي لبناء المستقبل جعلهم أكثر حذرًا في التعامل مع محاولات إشعال الفتن.

النظم العربية التي تباطأت في الاعتراف بالوضع الجديد في الشام تسعى، بشكل أو بآخر، إلى إطالة أمد الأزمة. إشعال نزاعات داخلية يخدم هذه النظم، كما يخدم الكيان الإسرائيلي الذي يسعى لتأخير إعادة التوازن الديموغرافي في المنطقة.

الرسالة النهائية


الأولوية الأولى للشام اليوم ليست الرد على الاستفزازات ولا الدخول في معارك جانبية. الهدف الأهم هو إعادة المهجرين، بناء المؤسسات، واستعادة التوازن الديموغرافي. هذه الخطوة هي حجر الأساس لأي مشروع مستقبلي.

النصر الحقيقي لن يتحقق بالتحركات العسكرية أو الرد على الاعتداءات، بل عبر استعادة النسيج الاجتماعي والديموغرافي للشام. كل خطوة نحو عودة المهجرين هي خطوة نحو فتح حقيقي يعيد للشام مكانتها، وكل انحراف عن هذا المسار هو خدمة مجانية لأعداء الأمة ومخططاتهم.




د. سامر الجنيدي ....القدس

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.