قراءة التاريخ الواعية تتطلب منا النظر إلى الأحداث في سياقها الأوسع، وفهم القوانين والأنماط التي تحكم حركة التاريخ.
▪️سنتعرف على مدارس فلسفة التاريخ تباعا ونبدأ بمدرسة هيغل (المثالية الألمانية).
✨ *الانسان الشيء والانسان المتحقق*✨:
يرى هيغل أن التاريخ هو عملية تطور "الروح المطلقة"، حيث يسعى الإنسان إلى تحقيق حريته وإدراك ذاته من خلال هذا التطور.
▪️ *الإنسان الشيء*: يتوافق مع ما يسميه هيغل بـ"الوعي المتنازل" .حيث يعيش الإنسان بدون وعي حقيقي بإرادته الحرة. مسلوب القدرة على تحقيق الذات.
▪️ *الإنسان المتحقق* : يسميه هيغل بـ"الوعي الذاتي". يدرك الانسان حريته ويسعى إلى تحقيق إرادته.
▪️ *حرية الارادة*: عبارة عن شعور و قدرة و ممارسة.
✨ *الخط التصاعدي في المجتمعات*✨:
▪️يرى هيجل انه اذا جمعنا أحداث التاريح منذ فجر الانسانية الى اليوم سنجد انها:
- تتجه في خط صاعد نحو تحرير ارادة الانسان. وأن قمة انسانية الانسان هو عندما يستشعر إرادته مقابل إرادات الاخرين، فيصبح له صوت حر.
▪️ في المجتمعات الأولى مثل الصينية،الفرعونية:
- كانت الإرادة مركزة في شخص واحد مثل الفرعون أو الإمبراطور.
- بينما بقية المجتمع لا يعانون فقط من فقدان الإرادة بل من "فقدان الشعور" بغياب الإرادة.
▪️عندما انتقلت الحضارة إلى اليونان:
- كانت المدن الصغيرة تتمتع بقدر من الاستقلالية.
- يرى هيغل أن هذا المستوى من الوعي لا يمثل الحالة الكاملة للتحرر. حيث لم يتمتع كل الناس بحرية كاملة. (العبيد والنساء لا يصوتون).
▪️عندما وصلت الحضارة إلى الرومان:
- ورثوا الفكرة الأثينية. حاولوا بناء إمبراطورية مركزية.عادت السلطة في يد الإمبراطور.
- بدأ الصراع بين المجتمع الثائر وبين الإمبراطور والكنيسة الذين يرون أن هذا الحق لا يجب أن يكون متاحًا للجميع.
▪️في النهاية، ومع الثورات الأوروبية مثل الأمريكية والفرنسية أصبح الإنسان يتمتع بحقوق قانونية وصوت داخل المجتمع موازٍ لصوت الرئيس.
▪️هذا التطور يمثل بالنسبة لهيغل، نهاية عملية التحرر البشري. ولكن هذا غير صحيح. لان الهدف هو تحرير الانسان في كل بقاع الأرض. وليس فقط الانسان الاوروبي. وهو امر لما يحدث بعد.
✨ *الإرادات الأربعة*✨:
يوزع هيجل القوى التي تشكل إرادة الإنسان إلى أربع مؤسسات رئيسية، وهي:
▪️ *الأسرة*:
تُشكل الأسرة الخارطة النفسية والعاطفية الاولى.
▪️ *المدرسة*: تشكل المدرسة مفاهيم المواطنة والانضباط الاجتماعي.
▪️ *المعبد (أو الدين)*: يتم تعديل إرادات الإنسان بما يتماشى مع القيم والمعتقدات الدينية التي يتم غرسها فيه.
▪️ *السياسة*: تسعى إلى تشكيل المواطن الصالح. تكوين هوية فردية تتوافق مع أهداف المجتمع والدولة.
▪️يتطلب مواجهة هذه الاردات وعي الانسان بقيمه ومبادئه، والقدرة على التمييز بين إرادته الحقيقية والإرادات التي فرضت عليه.
✨ *حركة التاريخ عند هيجل* ✨
يرى هيغل أن حركة التاريخ هي تجسيد لصراع الأفكار، هذا الصراع ينتج تطورا تاريخيا من خلال عملية الجدلية (الديالكتيك).
تتكون من ثلاثة مراحل:
1. *الفكرة (الأطروحة)*: تسيطر فكرة معينة على المجتمع. تُشكل المرحلة الأولى وتُعتبر القاعدة التي ينطلق منها التاريخ.
2. *نقيض الفكرة (الأطروحة المضادة)*: مع مرور الوقت، تظهر مشاكل في الفكرة السائدة، مما يؤدي إلى ظهور فكرة معاكسة تصارع الفكرة الأصلية.
3. *المولد (التركيب)*: نتيجة لهذا الصراع بين الفكرة ونقيضها، يتولد مفهوم جديد عبارة عن دمج للعناصر الإيجابية من كل من الفكرة ونقيضها.
▪️وفقًا لهيغل، هذه الجدلية ليست مجرد عملية فكرية، بل هي القوة المحركة للتاريخ البشري..
✨ *الخاتمة*✨ :
▪️إذن التاريخ بالنسبة لهيغل هو:
- رحلة تصاعدية نحو تحرير ارادة الانسان.
- رحلة صراع مستمر بين الأفكار المتعارضة، مما يؤدي إلى تطور المجتمعات والأنظمة الفكرية والسياسية.
▪️فكر هيجل ليس حقيقة مطلقة وانما هو وجه واحد من اوجه تفسير متعددة لحركة التاريخ . نكمل الدرس القادم مع وجه جديد و فلسفة ابن خلدون .
اعداد: م. رباب قاسمو
المصدر: برنامج البناء الثقافي لقادة النهضة، الدكتور جاسم سلطان