تعلمنا الحياة أحيانا دروسا قاسية..
تنضجنا على نار هادئة..
نتربى ونتشكل وتنحت ملامح شخصياتنا مدارس أقدارنا المتنوعة:
فأحدنا ينصهر في مدرسة الوفرة المفرطة..
فإما أن يخرج أجمل ما فيه أو يكون أسوأ من وطئ الثرى..
ويتربى الآخر في مدرسة التغيير المستمر..
فإما أن يخرج منها أكثر الناس مرونة وتكيفا وتفاعلا مع الناس والحياة..
وإما أن يخرج مسلوبا كل قيمة منسحقا لكل موجة عابرة..
وآخر يربى في مدرسة الفقد حيث يفقد فيها على مدار سني عمره كل ما يمكن أن تتخيله؛ بدءا من لعبة الطفولة وحتى الولد..
يخرج منها إما فاقدا لإيمانه بكل شيء حتى نفسه مقتصرا على فردانيته ليبقى متكئا على بعضه وإن بدا باردا عديم المبادرة باهتا متشبثا بكل ما في يده بفوبيا الفقد..
وإما يكون باسط اليمين لايقبض كفه على شيء ينفق الخير ويبذل الحرية صدقة عن روح كل لحظة عذاب مر بها..
ويستبقي ما بقي من روحه ووجدانه في ري الأنهار الجارية بآخر قطرات روحه لأنه يعلم أن الغيث لا يُصب إلا على يباب والغوث لا يأتي إلا بذلا..
ومدرسة أخرى تخرج ضحايا حروب طاحنة بعاهات مستديمة..
تجد منهم البؤساء المترقبين بشوق الملهوف للموت..
وتجد المقامرة العجاز بعكازه والأعمى بعصاته والأعمش بمنظاره مقامرة تربو على الجنون ولكنه ربما تعلم من قصة يعقوب أن الفرج لا يأتي إلا بعد انقطاع الأمل واستمرار السعي مع اليقين المطلق بالله..
والناس في هذا مشارب ولكل منا معركته التي خاضها ودرسه الذي تعلمه وطريقه الذي عبده بقناعاته..
أيها المتعبون والمناضلون على جبهات متفرقة.. ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع واندثر..
جوهر النقاء الذي يبقيك حيا ويضمن شفاء روحك ولو بعد ألف مليون مجزرة تضمنه ببذل ما تحب وعون كل من ترى في سبيله شيئا يشبه رحلتك وغرس الفسائل في طريق المصلحين لتكون رحلتهم أقل عنتا من رحلتك ..
لا تنسوا شكر النبلاء الذين يسمحون لكم بالبذل وأنتم دون منزلتهم، أولئك الكرام الذي يقبلون بضاعتكم المزجاة احفظوا جميلهم..
يوما ما ستبرأ الجراح ويبقى ندب وقصته..
ولكنكم ستبقون ممتنين لرحلة الشفاء والتوفيق فاختيار درب الاستقامة..
فاطمة بنت الرفاعي