استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

علاقة الوجدان الحي بالوجود - حواراتي مع د. جاسم

رباب: كيف يتفاعل الوجدان الحي مع الوجود ؟

المعلم:  عن طريق فهم الوجود بأنه حياة، وأن نسيج الاتصال به الرحمة، وأن غرض الاتصال هو إشراقة الروح بالعطاء، وممارسة التأمل يخلق الدهشة من الذرة الى المجرة. 

رباب : الله الله ، أشرقت روحي بهذه الكلمات، ولكن ماذا تقصد تحديدا بعبارة (هو اشراقة الروح بالعطاء) ؟ هل تقصد عندما تشرق الروح يصبح الانسان خيّرا ويفيض عطاءا على الكون ؟ 

المعلم : أي عندما يعطي الانسان من باب الرحمة بالوجود تشرق نفسه، فرأفته بطفل او ورقة شجر او طائر او عاجز، بقدر ما هي عطاء هي غسل لروحه. 

رباب : جميل جدا، وهذا امتياز آخر يحصل عليه صاحب الوجدان الحي، بقدر ما يعطي الكون من رحمة تعود إليه سموا روحيا. ولكن هل لاحظت أمرا؟

 لقد صرخت "الله الله " قبل حتى ان أعي معاني كلماتك تماما، فالقراءة الاولى لامست وجداني وأثارت فيّ الدهشة، ثم لامست القراءة الثانية عقلي، فبدأت استوضح عن المعاني.. لماذا برأيك حصل ذلك معي؟ هل السر في أسلوب الكتابة ؟

المعلم : صحيح فهي تبدو منطقية ومتماسكة وبها وقع نفسي مشحون. 

رباب  : صدقت، وهذه التوليفة المتكاملة من سبك المعاني والكلمات، والخروج منها بنصوص تحرك الذكاء الوجداني وتثير الذكاء المنطقي هي ما يحقق تمام المعنى، ويضمن وصوله الى ذهن المتلقي واستيعابه  تمام الاستيعاب، وتفاعله معه  واحداث تمام الأثر. فالخطاب المعرفي الجاف لا يحقق هذه الثلاثية : 

تمام المعنى + تمام الاستيعاب+ تمام الأثر  

سأعطيك مثال وبالمثال يتضح المقال : 
"ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر "
جملة قصيرة مؤلفة من خمسة كلمات لا غير، تختصر مسيرة الإنسان، تشعر القاريء بداية عند قراءتها لأول مرة بمشاعر خوف من طول الغفلة ومن قصر العمر و وحشة القبر، ثم  في القراءة الثانية يقف عند المعاني ويفهمها، فتتكامل دائرة الفهم مع الشعور، ويحصل تمام المعنى وتمام الاستيعاب وتمام الأثر. 
كان من الممكن أن يخبرنا الله بهذه الحقيقة بأسلوب تقريري جاف، ولكن ما كنا لنستوعب المعنى ونستحضر الشعور الكامن وراءه، كان المعنى سيصلنا ناقصا ولن يحدث الأثر المطلوب منه .
 
ما أود قوله هو التالي:  
ايصال المعرفة للعوام، يجب أن تغلف بقوالب تثير وجدانهم، والا فإنها لن تصل أو ستصل مبتورة.  
هذا القالب قد يكون:
- لغة بديعة مسبوكة كالذهب،  كالقرآن الكريم ..
- او معمار عبقري جميل متسق، كقصر الحمراء في غرناطة  .. 
- او لوحة فنية تنطق مشاعر، كلوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي ..
- او فيلم إنساني عميق عظيم الاخراج كالفيلم الفرنسي إيميلي .. 
- أو رحلة سير في الأرض كالتخييم في البر أو صعود الجبال والاندماج مع الطبيعة البكر  ..

المعلم: 
صحيح، ولكن الكلام سهل والعبور له عناء، فهو رحلة تعلم لا نهاية له.

رباب : سؤال أخير، كيف أوظف آيات القرآن لتخدمني كأداة تدريبية لزيادة حساسية وجدان المسلم ؟ 

المعلم : تحت عنوان البلاغة في القرآن اختاري السور ذات الجرس الموسيقي، واشرحيها كأنها صورة وليست نصا، ثم أثيري الحوار  عن احتماليات المعنى، وكذلك الفتي النظر الى الاصوات والنغم والجرس، فهذا تدريب على التقاط النغمة.  سورة الرحمن تصلح كمثال عملي . 

رباب : اختيار جميل. سأفعل بإذن الله .

المعلم : سلمتِ وبوركتِ



كتابة: م. رباب قاسمو

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.