استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

جدوى المشاعل


نتابع ما يجري من مآسي في كل بقاع الأرض بحق البشر والحجر والشجر ..

للبشر منها النصيب الأوفى وللمسلمين منهم الكيل الأنكى ..

أخبار وحوادث ووفيات وحرائق وكوارث ووباءات ومؤامرات ..

الزيف منها أكثر من الحقيقة والصورة أهون مليون مرة من الواقع ..

تتلبد السماء بالغيوم حتى يسود وجه الأرض ونقول: لا نجاة ولا مهرب إلا أن تتداركنا رحمة الله..

ثم ما تلبث الشمس أن تشرق بعدالات ربانية وتكشف لعبث خفافيش الليل وحجارة تكاد تنطق بما وقع عليها من أهوال وبشر في عتلها لا تزال ..

ونحن المفعول به الذي لا يحتمي من الفواجع ولا منجي له إلا قدرة الكبير المتعال..

نحن شراذم متفرقة متناحرة..

لم نهتد حتى لحكمة القنافذ فنتقارب لأقل درجة من الفرقة لم نتحد لدرجة أن نحتمي من الضباع..

كل يدعي الحق المطلق والحكمة البينة والقدرة الغالبة والنظرة الثاقبة وينتظر أن يطاع وتنحني له الرقاب ..

وأكثر هؤلاء من مرغت وجوههم في وحل الظالمين قهرا وجلدت ظهورهم بكرابيج الجلادين بغيا ..

ولما رفعوا رؤوسهم لم يسعهم أن يكونوا حماة للمظلومين وقطاعين لأيدي الجلادين بل وسعهم أن يكونوا أكثر الناس شبه بهم في التسلط على الخلق ..

مالكم كيف تحكمون ؟

وأشقى الناس في زماننا من أخلص صدقا لهذه الأمة وأدرك هول الباطن وشدة ظلامه وتمزق لبؤس الظاهر وانهار أمام انعدام حيلته ولم يسعه أن يستسلم بحال فوقف في وجه الطوفان وحده واحتمى به الضعفاء والمنكوبون ..

شدة التيار  وهول الطوفان يمزقه ولكنه لا يملك أن يتخلى أو يتخاذل ..

فمازال يؤذن في الناس بالحق ويدعو لدرب الهدى كأذان إبراهيم عليه السلام في جبال مكة وصحرائها المقفرة ..

عله يجد فيها مستجيبا وعند ربه منزلا وحسابا يسيرا ..

هل يجزئنا أمام الله حرقة وبكاء وسعي بالمشاعل في دروب الظلام وأذان في الفيافي وبذل الخير ودفع للشر قدر الطاقة والمستطاع؟

ربما ينجينا صدق وإخلاص يعلمه الله في قلب عبده وبذله لوسعه كما نجى زيد بن عمرو بن نفيل الذي عاش يبحث عن دين الله الحق ومات صادقا لله مخلصا ..

عن عامر بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب قال: قال لي زيد بن عمرو: "إني خالفت قومي، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل، وما كانا يعبدان، وكانا يصليان إلى هذه القبلة، وأنا انتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث، ولا أراني أدركه" هذا إحساسه "وأنا أومن به، وأصدقه، وأشهد أنه نبي" من قبل البعثة شهد أنه نبي؛لأنه قد علم أنه سيبعث، ولكنه لم يبعث بعد، ولم يظهر، ولم يخرج. فأشهد الله والناس أنه يؤمن ببعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يعرفه.
"وإن طالت بك حياة" يقول زيد بن عمرو لعامر بن ربيعة:"وإن طالت بك حياة، فاقرئه مني السلام" إذًا، أنا أحس يا عامر أنني لن أدركه، فإذا أدركته أنت، فاقرئه مني السلام.
قال عامر: "فلما أسلمت أعلمت النبي -صلى الله عليه وسلم- بخبره، قال: فرد عليه السلام، وترحم عليه، وقال: ولقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا..

 [انظر: فتح الباري: 7/143، وأخبار مكة للفاكهي: 6/205، رقم:2353].

ربما يأتي يوم تخضر فيه الفيافي بسحائب الهدى بفعل ذاك الأذان ...
ربما تشرق الشمس في غابات الظلام ويمحق البرق عروش اللؤم بفعل هذا المشعل..

ربما وربما ودمع القهر منسكب يسيل ..

لكن رب البرايا عالم بما حل أو يصير ..

وعند الله تجتمع الخصوم على جزاء..

ووفاء جزاء الصابرين المحسنين لا يضيع ..

أحسن الظن بالله واسع في الأرض إلى رضاه

ولا تحزن ..

فجزاء الصابرين الثابتين على طول المسير..



فاطمة بنت الرفاعي


Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.