سنمر في الدرس على تاريخ أوروبا عبر محطات تاريخية رئيسية. كل منها يمثل حقبة ذات طابع مميز وتأثيرات بعيدة المدى.
*العصور المظلمة - القرن الخامس/القرن العاشر*
هذه الفترة كانت مظلمة بسبب الهيمنة الكاملة للكنيسة على الروح والجسد والعقل.
- *احتكار الروح* : لم يكن يُسمح للفرد بالتواصل مع الله بشكل مباشر بل كان يعتمد على القساوسة وصكوك الغفران.
- *احتكار الجسد* : جسدت الكنيسة عقيدة تتضمن تعذيب الأجساد كوسيلة للتطهر.
- *احتكار العقل* : أُغلقت أبواب المعرفة أمام العامة. الكنيسة فقط من تملك الاجابات. الكتب الدينية محصورة باللغة اللاتينية. لم يكن يجيدها سوى القساوسة. إخفاء العديد من الكتب في السراديب.
نظام إقطاعي صارم. عانى الفلاحون من استغلال النبلاء والإقطاعيين.
لم تكن الدول القومية الحديثة قد تشكلت بعد. كانت أوروبا تتألف من ممالك متنافسة تحت حكم ملوك من جنسيات أوروبية مختلفة.
مما جعل الحياة السياسية والاجتماعية في تلك الحقبة شديدة الاضطراب والتعقيد.
* العصور الوسطى العليا /القرن الحادي عشر - القرن الثالث عشر*
فترة شهدت انتعاشا اقتصاديا. ظهور الجامعات في أوروبا. تشكل النزعات القومية في أوروبا .تزايد السكان وضيق المساحات الزراعية دفع الأوروبيين إلى النظر خارج حدودهم، تحديدا نحو العالم العربي.
بدأت الحروب الصليبية. لم تكن مجرد صراع عسكري وديني، ولكن فترة من التبادل الثقافي والعلمي بين الشرق والغرب.
هذه التبادلات أدت إلى انتقال المعرفة من العالم الإسلامي إلى أوروبا، وهو ما ساهم في إحداث انقلاب في الدورات الحضارية بين المنطقتين.
*عصر الاستكشافات / القرن الخامس عشر - القرن السابع عشر*
كانت تجارة الترانزيت من أهم العوامل التي ساهمت في انتعاش موانئ الشام ومصر خلال فترة المماليك.
لكن مع فساد المماليك (البرجية) وممارساتهم غير النزيهة في الأسواق، تراجعت هذه التجارة بسبب مقاطعة الأوروبيين الذين اكتشفوا لاحقا طريق طريق رأس الرجاء الصالح.
هذا الاكتشاف كان له أثر كبير في تحويل مسار التجارة العالمية، مما أدى إلى تدهور اقتصادي في مصر والشام وانهيار الحياة العلمية والاجتماعية فيهما.
قادت الكشوف الجغرافية الأوروبيين إلى اكتشاف الأمريكيتين. نهب الإسبان الذهب وأعادوه إلى أوروبا.
هذا التدفق الهائل من الثروات ساهم في تنشيط حركة السفن وظهور مجتمعات جديدة حول الموانئ الأوروبية.
ومن هنا، نشأت طبقة وسطى برجوازية جديدة تمتلك المال والمعرفة، مما مهد الطريق لتحولات اقتصادية واجتماعية عميقة في أوروبا.
ازدهار الطبقة البرجوازية الكبيرة ولدت مطالب جديدة بتعديل النظام السياسي. فبدأت أفكار الليبرالية تنتشر، لتحقيق مزيد من الحرية والعدالة.
كان اكتشاف المطبعة من قبل يوهانس غوتنبرغ في القرن الخامس عشر حدثا مفصليا ، تضاعف عدد الكتب بشكل كبير. مما أدى إلى انتشار المعرفة وساهم في تعزيز حركة الإصلاح الديني والفكري في أوروبا.
* واقع المسلمين أواخر العصور الوسطى / القرن السادس عشر* :
ضياع طرق التجارة من أيدي المسلمين أدى الى تدهور اقتصادي واجتماعي .
ظهور الدولة العثمانية كصد منيع ضد الغزو الخارجي. منح المسلمين شعورا بالأمان، ولكن هذا الشعور كان مصحوبا بتراجع في الإبداع والابتكار العلمي.
تمحورت المعرفة بشكل كبير حول الدراسات الدينية، مع قلة الدعم المالي للعلوم والمعارف الأخرى.
ومع توسع الدولة العثمانية واستقرار الأوضاع، لم يدرك المسلمون الفجوة المعرفية التي بدأت تتسع بينهم وبين العالم الغربي، مما أدى لاحقا إلى تأخر حضاري واضح.
*الثورة الصناعية وعصر الآلة / القرن الثامن عشر*
التطور الكبير في استخدام الآلات، خصوصا في الصناعة والنقل، جلب تغييرات هائلة في الإنتاج والتكنولوجيا، مما أدى إلى نمو سريع في الاقتصاد وتأثير كبير على المجتمع.
الثورتان الفرنسية والأمريكية أسستا لمفاهيم جديدة حول الحقوق الفردية، الديمقراطية.
هذه التغييرات وضعت أوروبا على مسار جديد من النمو الحضاري والمعرفي، مما جعلها مركزا للعصر الحديث والحداثة.
*الهيمنة الاستعمارية / القرن التاسع عشر*
كانت الإمبراطورية العثمانية.تشهد تراجعا في قوتها في هذه الفترة، مما فتح المجال أمام القوى الأوروبية للتدخل.
خلال القرن التاسع عشر، أصبحت بريطانيا وفرنسا القوى الاستعمارية الرئيسية في الشرق الأوسط.
أسست بريطانيا شركة الهند الشرقية البريطانية في عام 1600. بدأت في تعزيز نفوذها التجاري والسياسي في الهند، مما ساعدها على السيطرة على طرق التجارة الحيوية إلى الشرق الأقصى.
*الخاتمة*
كيف سيواجه العرب هذا الغرب المستعمر الذي سيطر على العالم سيطرة معرفية؟.
بعد ان استطاعوا أن يتخلصوا من وجوده العسكري. ماذا سيفعلون بالاطار المعرفي الذي انتج المشكلة الاولى؟.
اعداد: م. رباب قاسمو
المصدر: برنامج البناء الثقافي لقادة النهضة، الدكتور جاسم سلطان