تتجلى في سورة يس معانٍ عميقة عن مسؤولية الإنسان وأمانة الجوارح، حيث يقول الله تعالى: ﴿ اَ۬لْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَيٰٓ أَفْوَٰهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَۖ ﴾ (سورة يس: آية 65).
يكشف التفسير العميق للآية حقيقة جوهرية مفادها أن الجوارح - اللسان واليد والرجل - ليست مجرد أعضاء بيولوجية، بل هي أمانات تسجيل دقيقة وهبها الله سبحانه للإنسان.
يقول العلامة ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير": "وقد يخيل تعارض بين هذه الآية وبين قوله: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [النور: 24]. ولا تعارض لأن آية يس في أحوال المشركين وآية سورة النور في أحوال المنافقين. والمراد بتكلم الأيدي تكلمها بالشهادة، والمراد بشهادة الأرجل نطقها بالشهادة، ففي كلتا الجملتين احتباك. والتقدير: وتكلمنا أيديهم فتشهد وتكلمنا أرجلهم فتشهد"،
فإن هذه الجوارح تسجل كل التفاصيل - الخير والشر - بأمانة مطلقة. وهي ليست فقط شاهدة على السيئات، بل أيضًا مسجلة للحسنات والطاعات.
النهضة الحقيقية، إذن، تبدأ من داخل الذات. فالناهض عليه أن يكون:
- - صادقًا مع نفسه
- - عادلًا في تعاملاته
- - قويًا أخلاقيًا
- - مبادرًا للخير
- - متحملًا للمسؤولية بكاملها
وهذا ما تؤكده الآيتان 60 و61 من سورة يس: ﴿أَلَمَ اَعْهَدِ اِلَيْكُمْ يَٰبَنِےٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعْبُدُواْ اُ۬لشَّيْطَٰنَ إِنَّهُۥ لَكُمْ عَدُوّٞ مُّبِينٞ﴾ ﴿وَأَنُ اُ۟عْبُدُونِےۖ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسْتَقِيمٞۖ ﴾
الصراط المستقيم يتجسد في استقامة الجوارح:
- - اللسان المستقيم: ينطق بالحق والخير
- - اليد المستقيمة: تعمل الصلاح وتمتنع عن الظلم
- - الرجل المستقيمة: تسير على طريق العدل والحق