استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

الهداية والتقوى ( رؤية قرآنية للنهضة، تدبر الآية الأولى من سورة البقرة)

تمثل الآية الأولى من سورة البقرة بترقيم ورش عن نافع "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" منهجاً متكاملاً للنهضة، يقدم رؤية عميقة لعلاقة الإنسان الناهض بالهداية والتقوى. وفي هذه الدراسة نستكشف أبعاد هذه العلاقة وأثرها في مسيرة النهضة.

أولاً : التحرر من الريب كأساس للنهضة

يقدم الزمخشري تحليلاً عميقاً لمفهوم الريب حين يقول: "الريب: مصدر رابني، إذا حصل فيك الريبة. وحقيقة الريبة: قلق النفس واضطرابها". ويستشهد بالحديث النبوي: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الشك ريبة، وإنّ الصدق طمأنينة".

هذا الربط بين الريب والقلق النفسي يكشف عن حاجة الناهض إلى اليقين والطمأنينة كأساس للانطلاق. فالنهضة تحتاج إلى نفس مطمئنة وقلب ثابت.

 ثانياً : التقوى كمنهج للنهضة

يقدم الحرالي، كما نقل عنه البقاعي، تعريفاً عميقاً للتقوى يمثل منهجاً متكاملاً للنهضة: "المتقي وهو المتوقف عن الإقدام على كل أمر لشعوره بتقصيره عن الاستبداد وعلمه بأنه غير مستغن بنفسه".

هذا التعريف يؤسس لمنهج النهضة على ركيزتين:

1. التحرر من الاستبداد بالرأي

2. الاعتراف بالحاجة إلى الغير، تحديدا الله وما صلح من رأي الناس،

 ثالثاً: الهداية المتجددة كوقود للنهضة

يوضح رشيد رضا طبيعة الهداية القرآنية بقوله: "والمراد بالهداية هنا الدلالة على الصراط المستقيم مع المعونة الخاصة والأخذ باليد". هذا المفهوم للهداية يكشف عن:

- هداية البيان والدلالة

- هداية التوفيق والمعونة

- هداية التثبيت والاستقامة

 رابعاً : تكامل الدنيا والآخرة في النهضة

يقدم ابن عاشور رؤية متكاملة للهداية حين يقول: "والهدى الشرعي هو: الإرشاد إلى ما فيه صلاح العاجل الذي لا ينقض صلاح الآجل". هذا يؤسس لنهضة متوازنة تجمع بين:

- صلاح الدنيا

- صلاح الآخرة

- التوازن بينهما

 خامساً: منظومة متكاملة للنهضة

تتجلى هذه المنظومة في الترابط بين:

1. مطلع سورة البقرة "هدى للمتقين"

2. قلب الفاتحة "إياك نعبد وإياك نستعين"

3. ختام البقرة "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"

هذا الترابط يؤسس لمنهج نهضوي يقوم على:

- التحرر من الاستبداد (إياك نعبد)

- الاعتراف بالحاجة (إياك نستعين)

- معرفة الحدود والإمكانات (الوسع)، مع الإشارة إلى أن هذا الوسع قابل للترقية والتنمية، وهو ما يستحق دراسة مستقلة.

خاتمة: دروس للناهض

1. ضرورة التحرر من الاستبداد بالرأي

2. أهمية الاعتراف بالحاجة إلى الغير

3. تجديد طلب الهداية باستمرار

4. الموازنة بين صلاح الدنيا والآخرة

5. معرفة الوسع مع إدراك قابليته للتنمية

هذه الرؤية القرآنية للنهضة، المستمدة من تدبر الآية الأولى من سورة البقرة، تقدم منهجاً متكاملاً للنهضة يجمع بين التحرر النفسي والارتقاء الروحي والعمل الواقعي، مؤسساً على التقوى وطلب الهداية المستمر.



كتب حسان الجميني
والله الموفق.

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.