في قلب هذا الدمار الذي يعصف بغزة، أكتب إليكم، أيها القادة الفلسطينيون، بنداء يحمل ألم أجيال تبعثرت أحلامها، وجراح إنسان باتت حياته مرهونة بصوت القذائف وظلال الطائرات. أكتب لأذكركم بأن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا، وأن وطننا الحبيب لا يحتمل المزيد من التشظي والانقسام.
غزة، هذا الشريان النابض بالأمل، تستحق أن نكون على قدر تضحياتها. لقد دفعت غزة ثمناً باهظاً في الأرواح والبيوت المهدمة، وجيلٌ بأكمله نشأ في ظل الحصار والحروب المتكررة، فاقداً للأمان والفرص. أطفالنا الذين كان ينبغي أن يحملوا كتبهم إلى المدارس، أصبحوا يحملون ذكريات الدمار والخوف. شبابنا، الذين كانوا يجب أن يكونوا بناة المستقبل، باتوا يبحثون عن سبل النجاة في ظل انعدام الأفق.
أيها القادة، إن الجرح الفلسطيني كبيرٌ جداً، وأعباؤه أثقل من أن يتحملها أي فصيل أو حزب وحده. الانقسامات السياسية والمصالح الحزبية الضيقة لن تبني وطناً ولن تحفظ دماً، بل تعمق المأساة وتطيل أمدها.
نحن شعبٌ يعشق الحياة رغم الجراح. نحن شعبٌ برع في المقاومة بشتى الوسائل، وقد كلفتنا هذه المقاومة دماءً غالية ودماراً واسعاً، دون أن نجد الحضن العربي الإسلامي الذي يليق بتضحياتنا. ومع ذلك، لا زلنا نقاوم، لأننا ندرك أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع.
لكن، هل يمكننا أن نحقق حريتنا دون أن ندمر إنساننا؟ الإنسان هو المخزون الحقيقي للأرض، هو الذي يبنيها ويرفع رايتها بين الأمم بعلمه واقتصاده وإبداعه. لا يمكن أن تكون مقاومتنا على حساب الإنسان، بل يجب أن تكون من أجله.
اليوم، نحن بحاجة إلى رؤية وطنية شاملة، تتجاوز الحسابات الفصائلية وتعتمد استراتيجية متجددة لتحرير الأرض وبناء الإنسان. رؤية توحدنا جميعاً تحت راية واحدة، لأن قوتنا في وحدتنا، وكرامتنا في تماسكنا.