استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

نداء من قلب غزة: لنرتقِ بوحدتنا لإعادة بناء الوطن

في قلب هذا الدمار الذي يعصف بغزة، أكتب إليكم، أيها القادة الفلسطينيون، بنداء يحمل ألم أجيال تبعثرت أحلامها، وجراح إنسان باتت حياته مرهونة بصوت القذائف وظلال الطائرات. أكتب لأذكركم بأن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا، وأن وطننا الحبيب لا يحتمل المزيد من التشظي والانقسام.  

غزة، هذا الشريان النابض بالأمل، تستحق أن نكون على قدر تضحياتها. لقد دفعت غزة ثمناً باهظاً في الأرواح والبيوت المهدمة، وجيلٌ بأكمله نشأ في ظل الحصار والحروب المتكررة، فاقداً للأمان والفرص. أطفالنا الذين كان ينبغي أن يحملوا كتبهم إلى المدارس، أصبحوا يحملون ذكريات الدمار والخوف. شبابنا، الذين كانوا يجب أن يكونوا بناة المستقبل، باتوا يبحثون عن سبل النجاة في ظل انعدام الأفق.  

أيها القادة، إن الجرح الفلسطيني كبيرٌ جداً، وأعباؤه أثقل من أن يتحملها أي فصيل أو حزب وحده. الانقسامات السياسية والمصالح الحزبية الضيقة لن تبني وطناً ولن تحفظ دماً، بل تعمق المأساة وتطيل أمدها.  

نحن شعبٌ يعشق الحياة رغم الجراح. نحن شعبٌ برع في المقاومة بشتى الوسائل، وقد كلفتنا هذه المقاومة دماءً غالية ودماراً واسعاً، دون أن نجد الحضن العربي الإسلامي الذي يليق بتضحياتنا. ومع ذلك، لا زلنا نقاوم، لأننا ندرك أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع.  

لكن، هل يمكننا أن نحقق حريتنا دون أن ندمر إنساننا؟ الإنسان هو المخزون الحقيقي للأرض، هو الذي يبنيها ويرفع رايتها بين الأمم بعلمه واقتصاده وإبداعه. لا يمكن أن تكون مقاومتنا على حساب الإنسان، بل يجب أن تكون من أجله.  

اليوم، نحن بحاجة إلى رؤية وطنية شاملة، تتجاوز الحسابات الفصائلية وتعتمد استراتيجية متجددة لتحرير الأرض وبناء الإنسان. رؤية توحدنا جميعاً تحت راية واحدة، لأن قوتنا في وحدتنا، وكرامتنا في تماسكنا.  

أيها القادة، إن التاريخ لن يرحمنا إذا واصلنا السير في طريق الفرقة. فلنتحد من أجل إعادة إعمار الإنسان والأرض، لنثبت للعالم أننا شعبٌ يستحق الحياة. شعبٌ قادر على النهوض من تحت الركام، ليبني مستقبلاً مشرقاً لأبنائه وأحفاده.  

هذا نداء من غزة، من قلب الحرب والجراح، أبعثه إليكم بكل الأمل والإصرار. فلنتعالى عن الصغائر، ولنرتقِ بوحدتنا، لنمنح شعبنا حقه في العيش بحرية وكرامة، ولنثبت أن غزة ليست مجرد جرحٍ نازف، بل هي نبضُ حياةٍ وأملٍ لا ينطفئ.  




الكاتب: محمد يوسف شامية  
ابن غزة، الشاهد على جراحها، وصوت أملها

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.