في بلاد غير مستقرة وخرجت من أتون حرب كسوريا، يحتاج الناس إلى استجماع طاقتهم للبناء، وتحتاج الحكومة إلى وقت واستقرار لإنجاز شيء في مثل هذا الظرف العصيب.
- مخاوف عودة الاستبداد والدولة الشمولية قائمة، لأنها النموذج الأسهل الذي تعودت عليه المنطقة، وهو يسكن داخل تلافيف العقل دون أن نشعر.
- التعود على وجود رأي آخر مختلف، ودين مختلف، ومذهب مختلف، وأيديولوجيا مختلفة، وطائفة مختلفة، وعرق مختلف، يتجلى عند تعبير هذه المكونات عن مطالبها.. وعندها يظهر الدكتاتور النائم فينا.
- عندها يصبح المختلف جزءًا من مؤامرة، ومجرمًا يجب إخماد صوته، وننسى كل الكلام الفضفاض عن أهمية حرية التعبير والرأي الآخر، وكل وعود التسامح.
- فمرة يغتال الرأي الآخر باسم الأيديولوجيا، ومرة باسم العرف، ومرة باسم المذهب، ومرة باسم الطائفة، وفي كل الأحوال نجد تلك الظاهرة المزدوجة.
- الظاهرة المزدوجة، حيث إن من هو خارج السلطة يحلم ويطالب بأن يُمنح حق التعبير السلمي كحق طبيعي إنساني، وذات الشخص، وهو في السلطة، يرفض ذات الحق لغيره.أما التهم، فهي ذاتها دائمًا، فالمختلف جزء من مؤامرة.
- لكن دول العالم الحر تقنن استخدام حق التعبير لأسباب تتعلق بحفظ حق الجميع في إبداء الرأي والمحافظة على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي. لكن ماذا عن مرحلة ما قبل التقنين والتنظيم، كما هو الحال في سوريا اليوم؟
- ماذا عن أوضاع مجتمع ما قبل التوافق العام على قواعد التعايش بين المختلفين، في فسيفساء اجتماعية واسعة حتى داخل التنظيم الواحد، ناهيك عن كامل الدولة. هنا تبرز أهمية الوعي الجمعي ودوره في المحافظة على المكاسب.
- هنا تبرز أهمية النظرة للمصلحة العامة، ووجود آليات لخفض التوترات، ففي وطن يسعى للمواطنة المتساوية وحلم العيش المشترك، الحاجة ماسة إلى خلق ثقافة تقبل الاختلاف، واعتباره نعمة تحتاج إلى إدارة، وليس تهديدًا يحتاج إلى تفجير.
الخلاصة:
البدايات الجديدة تحتاج إلى مراقبة تسلل السلوكيات التي أنتجت الماضي الأليم في المجتمع الجديد، وأخطرها، اعتبار كل مختلف تهديدًا يجب استئصاله.
د. جاسم السلطان