قد يظن الأستاذ أن وجوده في حياة طلابه عطاء واجب الامتنان..
لكن في الحقيقة قد يكون هذا الأستاذ لبعض طلابه أكبر عبء؛ إذ يفقدهم وجوده الأمان واحترام الذات والشعور بالاستقرار النفسي..
كل هذا الرصيد يسحبه المعلم مقابل بعض المعلومات التي يعطيها لهم..
أليس المدفوع أكبر من المحصل؟
اسحب هذا المثل على الكثير من العلاقات في حياتنا من التدرج الهرمي في العمل أو العائلة أو الحياة الاجتماعية المفروضة أو المختارة وحتى علاقة الإنسان بنفسه..
مبدأ التوازن بين المغنم والمغرم مفقود لدى كثير من الناس خاصة في مجتمعات الوصاية الحكمية..
حيث يتسلط الحاكم على رعيته ويعد بعض حقوقهم من جميل إحسانه وكرم معروفه عليهم رغم عدم استحقاقهم ، وكأنه الرب الذي يرزق حتى الكافر..
ومع طول زمن القمع يصبح هذا ديدن الناس فالأب يمن على بنيه ببعض حقوقهم والمدير يستعبد الموظفين مقابل راتب قد لا يكافئ عشر بذلهم..
وهكذا مع طول المراس يمحق تقدير المرء لنفسه ويرى كل فتات يقدم له جدير مقدمه بالركوع له وتقبيل التراب بين يديه..
ومع الوقت يضع الحر في رقبته قيد الاستعباد بدعوى الامتنان والعرفان بالجميل الذي لا يستحقه..
وبدون مبالغة رأينا شعوبا تسبح بحمد طاغوتها الأكبر لأنهم مازالوا على قيد الحياة..
السؤال كيف مسخت الفطرة إلى هذا الحد وكيف نسي الإنسان حقيقة جوهره؟
ببساطة نسي معنى الاعتراض حيث أنه لم يسمع صوت احتجاج قط وفقد دلالة كلمة "لا" بين عيني كل جائر مستبد..