ظهور الاكتشافات العلمية في عصر النهضة قضى على مقولات ارسطو وبطليموس والكنيسة. اصبح هناك فراغ معرفي يبحث عما يملؤه .
هنا حدث ما يسمى *paradigm shift* التغير المعرفي بين العصور والذي قادته المقولات التأسيسية الكبرى في عصر التنوير.
سنتعرف في الدرس على أهم المقولات:
- المدرسة العقلانية (رينيه ديكارت)
- المدرسة التجريبية (فرانسيس بيكون)
لكل منهما منهج مختلف في كيفية الحصول على المعرفة وفهم العالم. يتجلى في الأسس التي يعتمد عليها كل منهما.
*ديكارت والعقلانية* :
في كتابه "التأملات" 1641. طرح تساؤل :
إذا كان الانغلاق المعرفي والوثوقية المطلقة بالأفكار القديمة أدت الى خسارة ألف عام من عمر البشرية. فما الذي يضمن لنا الا نكون مغشوشين بطريقة أخرى في الألف سنة القادمة ؟ حاول الاجابة عبر عدة افكار :
*الشك المنهجي*:
- شكك في الحواس، الواقع المادي ليصل في النهاية إلى نقطة لا يمكنه فيها الشك، وهي "حقيقة أنه يشك". إذا هو قادر على التفكير. ومن هنا تأتي مقولته الشهيرة: "أنا أفكر، إذن أنا موجود"
- الشك الجذري لدي ديكارت ليس هدفًا بحد ذاته، بل هو وسيلة للوصول إلى اليقين. بعد أن يشك في كل شيء، يستخدم العقل والمنطق لإعادة بناء المعرفة على أسس أكثر صلابة.
- عكس ما حدث مع فلاسفة المسملين. حيث لم يكن الشك بناءا. امثال الغزالي الذي انتهى به الشك الى عدم الوثوق بالعقل واللجوء الى العرفان والتصوف. والرازي الذي انتهى به الشك الى مزيد من الحيرة ودعاه الى قول : "لو كان عندي إيمان عجائز خراسان لكان خيرًا لي"
*الرياضيات كنموذج* :
بصفته عالم رياضيات، رأى أنها تقدم النموذج الأمثل للتفكير العقلي بسبب وضوحها ودقتها. تبدأ من بديهيات واضحة ويبني عليها نسقًا معرفيًا متماسكًا.
*العقلانية كنظام معرفي*:
المدرسة العقلانية التي ظهرت مع ديكارت ترى أن الحقيقة يمكن الوصول إليها من خلال التفكير المنطقي، والاستنباط من المبادئ الأساسية الرياضية. وليس من التجربة الحسية وحدها.
*فرانسيس بيكون والمنهج العلمي* :
يرى بيكون ان المعرفة تأتي من "الحواس والتجربة العملية" وليس من "المبادئ العقلية المجردة" التي نادى بها ديكارت و العقلانيين.
كتاب "الأورجانون الجديد في عام 1620، وضع بيكون منهجًا جديدًا للبحث العلمي.
المدرسة التجريبية التي أسسها بيكون تركز على دور التجربة العلمية في تكوين المعرفة.
*البرادايم المعرفي في عصر التنوير* :
ثلاثية شكلت براديام الفكري في عصر التنوير : العقل . التجربة .محدودية المعرفة
محدودية المعرفة تعني ان المعرفة ليست شيئا منتهيا. بل فضاء مفتوح يزداد مع كل تجربة من التجارب.
امتاز النموذج الفكري بما يلي :
- الثقة بقدرة العقل على اجابة الأسئلة .
- الانتقال من محاسبة الوقائع الى محاسبة المنهج ذاته.
- كل مسلمات المنهج يعاد النظر فيها مرة بعد أخرى حتى لا يقع العقل في طور الوثوقية مجددا وينغلق.
*الخاتمة*
هكذا نشأت العصور الحديثة على ثلاث :
سلطة العقل (ديكارت ) + سلطة المنهج العلمي(بيكون) + عدم الوثوقية بصوابيتهما فهما عرضة للمساءلة والتطور المستمر.