استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

رفاهية الاستسلام


طيف جميل ونسيم بارد يهب على مخيلة المتعبين والمرابطين في هذه الحياة ..

خاصة الغرباء أصحاب القضايا الكبرى والمبادئ المتجمرة ..

تمر بخيالاتهم كثيرا كلما أضناهم التعب وانعدمت الحيل وتساقطت بتلات زهرة الأمل..

لماذا لا استسلم ؟

نعم لماذا ؟ لقد استسلم فلان وفلان وأنا لست خارق القوى ..

لقد تعبت ..

وقبل أن يجهش بالبكاء تمر بين عينه ماذ سيحدث لو استسلمت ؟

لو ضعف سيسقط لن يجد من يشد أزره ليقف مجددا ..

لو سقط لن يجد من يراه أهلا ليكون حاملا للواء مرة أخرى..

ولو سقط سيسقط في نار تلظى وجحيم مستعر ..
أول نار ستحرقه هي خذلانه لإيمانه بصدقه وإخلاصه واحتقاره لعدم ثباته ونقمته على الحياة وهو عار من قيمه وإيمانه ..

وثانيها أن المستسلم تجري عليه كل الأحكام دون أن يكون له حق الدفاع أو تبرئة نفسه ..

غير أن الكل بالإجماع يجمع على احتقاره لجبنه وتخاذله وخيانته لقضيته حتى عدوه ..

يعيش عيشة الأذلاء منزوع الثقة مكروه اللقيا مذموم الذكر حتى رصاصة الرحمة لا يرونه مستحقا لها ..

حياة المستسلم على هامش الظلمات واسمه مدرج في كومة سجلات الخونة ..

تتوارث الأجيال كيل اللعنات له ..

يتساءل حينها ماذا لو صبرت ؟

ماذا لو تماسكت قليلا؟

قليلا فقط ..

لماذا لم أتجلد قليلا يوما أو بضع يوم ؟

لماذا أجرمت بحق نفسي أكثر مما يجرم العدو بحق منازله ..؟

كم أنا ذليل لا أستحق الحياة ولا الممات !
ترى هل تحنو علي الأرض حين تضم رفاتي ، أم سنلفظني ككل حياتي ؟

هذه لمحة أفقية عن مستقبل مستسلم ..

السقوط والاستسلام رفاهية الأطفال فقط حين يسقطون في أحضان الآباء ويبكون على صدور الأمهات..

أما القابضين على الجمر فلا يملكون حق الاستسلام حتى تسلم الروح لباريها ..

عذرا أيها المرابطون لا تقاعد قبل النصر ..

أما الثبات واليقين فهو حتى الممات ولو عصفت الريح وتسقطت السماء على الأرض ..

كتب الصبر والتجلد والاقتدار والعزيمة والثبات والإيمان والإخلاص واليقين على كل حر مناضل يرى نفسه أرقى من أن يعيش كالبهائم مسخرا لغيره ..

والعاقبة كالماء البارد على الظمأ والغيث على الأرض المقفرة ..

يراها العدو بعيدة وهو يتطلع بشوق للحظة استسلام خصمه ويراه الواثق الثابت أقرب إليه من أنفاسه..

لكنه اختبار اليقين ..

اليقين ..
ذلك المعدن الذي يصهر في أفران المحن وينقى جوهره على سندان الأهوال وتجت مطرقت الابتلاءات،  ويزداد عنادا وثباتا وصلابة بطول الوقت في عملية الصهر والطرق ..

فإذا صار نقيا متقدا مستضيئا بقبس من مشكاة ربانية زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ..

انتهى الكرب وحسن الجزاء وهطلت غيوث الرحمة وهبت نسائم النصر..

(قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين)

تصديق وثبات..

لكنها مسألة وقت ..

أيها الصابرون المرابطون تمسكوا بحبل الله واعتصموا بوعده واصبروا ؛ إن العاقبة للمتقين..

للمتقين؟ ؟

نعم للمتقين فلا حاجة لشجاعة ظاهرة وخيانة مضمرة ..

لا حاجة لكلمات مشتعلة وعمالة مستترة ..

العاقبة لمن صح فعله وصدق قوله على جوارحه ..

العاقبة لمن علم الله تقواه وإخلاصه وإصلاحه ..

العاقبة لمن بذل ولله وسعى لمرضاته وتمسك بعراه ..
العاقبة للمتقين ..

جعلنا الله وإياكم من المتقين الساعين لرضاه المستعملين في حقه المصلحين في أرضه ..

جعلنا الله هداة ورحمة للعالمين ..

بقلم : فاطمة بنت الرفاعي

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.