ليس من المعتاد أن تحقق ثورة عربية نجاحًا، ولكن استطاعت الثورة السورية تحقيق إنجازاتها الأولية وانتقلت إلى مرحلة جديدة. لكي نفهم ما يجري سنعرج على عدة مساحات .
▪ أولاً: صورة سوريا في التاريخ
سوريا تقع في منطقة وسط بين أربعة مسطحات جغرافية أساسية:
- جزيرة العرب في الجنوب، التي شهدت موجات هجرة مستمرة الى بلاد الشام.
- الأناضول في الشمال، التي أثرت أحداثها على الشام.
- الجبال الإيرانية في الشرق، التي أدت الحروب الفارسية إلى تأثيرات على الشام.
- البحر الأبيض المتوسط في الغرب، الذي كان يأتي منه الأوروبيون.
إذن، سوريا كانت ولا تزال منطقة اشتباك تاريخي مستمر، لذلك انتهجت مبدأ التفاوض مع تلك القوى للحفاظ على الاستقرار.
▪ ثانيًا: قوة التفاوض
إذا اعتبرنا سوريا كـ "مربع" نجد:
- أن تركيا تقع في الزاوية العليا، بينما العراق والأردن وفلسطين تشكل الزاوية السفلى.
- على الساحل السوري، توجد منطقة العلويين التي تواجه تحديات مع الثورة.
- بينما الأكراد في الشرق يمثلون نقطة توتر مع المطالبة بالانفصال.
- إسرائيل تحتل هضبة الجولان.
هذه التحديات تفرض على سوريا البحث عن حلول تفاوضية.
▪ ثالثًا: النظام البائد بعكازين
اعتمد النظام البائد على روسيا وإيران.
- روسيا تستفيد من ميناء طرطوس وقاعدة حميميم. دعمته جويا.
- بينما إيران تدعم النظام بريا. مع اطماع في المنطقة.
- تمكن النظام بدعم روسيا وايران، من قمع الثورة و عزل الثوار في مناطق ضيقة على شريط حدودي مع تركيا.
- تفاوضت تركيا مع الأسد لحل مشكلة اللاجئين والأكراد. ولكنه لم يتجاوب. فتغيرت أوراق اللعب.
- تم الاتفاق بين روسيا وتركيا على حفظ مصالحهما والتخلص من الأسد.
▪ رابعًا: ماذا بعد الثورة؟
سوريا بدأت في التوجه نحو بناء الدولة من خلال خطاب سياسي جديد يسمح بإيجاد حل ديمقراطي. أبرز الأولويات تشمل:
- استعادة النظام وضبط المناطق.
- استعادة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والتعليم.
- بناء جيش قوي وتعزيز سيادة القانون.
- حل الأزمات الاقتصادية والتوترات بين الأقليات.
▪ خامسًا: أسباب الفشل الكبرى في التغيرات الثورية
1. غياب الرؤية المشتركة: افتقار للاتفاق على هوية الدولة.
2. ضعف البنية السياسية: غياب مؤسسات قوية لحسم الأمور.
3. التدخل الأجنبي: تعقيد الأمور وزيادة الانقسامات.
4. الأزمة الاقتصادية: ضغوط تؤثر على الحكومة.
5. الجيش: قد يؤدي إلى ديكتاتوريات جديدة.
6. عدم ترتيب الأولويات: مما يؤدي إلى فشل خطط التنمية.
▪ سادسًا: شروط العبور الآمن
1. رؤية وطنية موحدة: توافق على الحد الأدنى من الأهداف.
2. دولة مدنية حديثة: تمثل كل الطوائف وتقوم على القانون.
3. الإصلاح الأمني والعسكري: ضمان الأمن من أجل استقرار المجتمع.
4. تعزيز سيادة القانون والعدالة: معالجة المشاعر السلبية وتوجيهها إلى آليات اجتماعية.
5. بناء مؤسسات فعالة: مؤسسات قادرة على إدارة البلاد بفعالية.
6. التحفيز الاقتصادي: تحقيق تنمية اقتصادية.
7. استمرار الدعم الإقليمي والدولي: ضمان الدعم من القوى الدولية.
▪ سابعًا: مهام السوريين في هذا الوقت
ستتخذ المبادرات الصغيرة دورًا أكبر داخل المجتمع السوري، مع تنظيم جهود المجتمع المدني وتوجيه الدعم الخارجي لتحسين الوضع.
ملخص محاضرة شروط العبور في الانتقال السياسي للدكتور جاسم سلطان، التلخيص من قبل م. رباب قاسمو