استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

على جسر الحقيقة قبالة شطآن الوهم

عجبت لمن يبرر لبعض ذوي السلطان مجانبتهم للحق بل وولوجهم في أوحال الباطل..

بزعم الاضطرار أو السياسة أو حسبة الدهاء..

وهم ليسوا خيرا من صحابة رسول الله صلى الله عليهم وسلم وأصفيائه وحكامهم ليسوا خيرا من الفاروق عمر الذي كان يفر منه الشيطان..

ورد في كتب السير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام خطيباً فقال: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، فقام له سلمان الفارسي يقول: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة..

فلم يغضب عمر رضي الله عنه، ولم يقل لسلمان: كيف تكلمني بهذه اللهجة وأنا الخليفة، 

وإنما سأله في هدوء راض: ولم؟ 

قال سلمان: حتى تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به، وقد نالك برد واحد كبقية المسلمين، وأنت رجل طوال لا يكفيك برد واحد؟

 فلم يغضب عمر مرة أخرى وسلمان كاد يوجه إليه الاتهام باستغلال النفوذ والافتئات على أموال المسلمين، ولم يقل له: أنا ولي الأمر أتصرف في الأمر كما أشاء وليس من حقك أن تسائلني..

وإنما نادى: يا عبدالله بن عمر

قال لبيك، يا أمير المؤمنين

قال: نشدتك الله، هذا البرد الذي ائتزرت به، أهو بردك؟ 

قال: نعم، والتفت إلى المسلمين وقال: إن أبي قد ناله برد واحد كما نال بقية المسلمين وهو رجل طوال لا يكفيه برد واحد، فأعطيته بردي ليئتزر به.

 فقال: سلمان الآن مر، نسمع ونطع...

عجبا لمن يزعم النضال عن قضية ثم يبرر عكسها.. 

كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون .. 

وهم أنفسهم كانوا سيوفا قاطعة على اجتهاد إخوان لهم في الحق بزعم الورع وسد الذرائع ..

"وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ "

حري بكل ذي رأي أن يدور مع الحق حيث دار وينصف الحقيقة في باطن الجب أو بين أنياب الضباع وإذا نطق لا يقول إلا حقا فالألسن تنبي عما في القلوب من صدق أو غش ..

أما التبرير وحسن الظن فلا يكون في مصالح الأمة ومقدراتها خاصة إذا كان العبث بالهوية والعقائد التي لا يعوض فقدها.. 

ربما هنا تكون الحسب والترجيحات صحيحة في كواليس الخواص من الساسة وهم محاسبون على نتائجها أمام الله والعامة فالحكام خدام الأمم وليسوا وصاة عليها.. 

إلا أن الاعتباط على الرخص والتبريرات صحت أو فسدت وجعل كل ضرورة مخرجا للتخلي والتفريط في دنيا العامة يذيب الحد الفاصل بين الصديق والعدو والولي والباغي..

لعل الحفاظ على النصل حادا بين البياض والسواد يصون هوية العامة ويحفظ للأجيال إرثا أصله نقي والعارض عليه مهما اغبر لا يعدو كونه عاصف زائل..


بقلم : فاطمة بنت الرفاعي

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.