عجبت لمن يبرر لبعض ذوي السلطان مجانبتهم للحق بل وولوجهم في أوحال الباطل..
بزعم الاضطرار أو السياسة أو حسبة الدهاء..
وهم ليسوا خيرا من صحابة رسول الله صلى الله عليهم وسلم وأصفيائه وحكامهم ليسوا خيرا من الفاروق عمر الذي كان يفر منه الشيطان..
ورد في كتب السير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام خطيباً فقال: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، فقام له سلمان الفارسي يقول: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة..
فلم يغضب عمر رضي الله عنه، ولم يقل لسلمان: كيف تكلمني بهذه اللهجة وأنا الخليفة،
وإنما سأله في هدوء راض: ولم؟
قال سلمان: حتى تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به، وقد نالك برد واحد كبقية المسلمين، وأنت رجل طوال لا يكفيك برد واحد؟
فلم يغضب عمر مرة أخرى وسلمان كاد يوجه إليه الاتهام باستغلال النفوذ والافتئات على أموال المسلمين، ولم يقل له: أنا ولي الأمر أتصرف في الأمر كما أشاء وليس من حقك أن تسائلني..
وإنما نادى: يا عبدالله بن عمر
قال لبيك، يا أمير المؤمنين
قال: نشدتك الله، هذا البرد الذي ائتزرت به، أهو بردك؟
قال: نعم، والتفت إلى المسلمين وقال: إن أبي قد ناله برد واحد كما نال بقية المسلمين وهو رجل طوال لا يكفيه برد واحد، فأعطيته بردي ليئتزر به.
فقال: سلمان الآن مر، نسمع ونطع...
عجبا لمن يزعم النضال عن قضية ثم يبرر عكسها..