بعد فترة الحراك العلمي الزاهر في العصر الذهبي للمسلمين، ظهرت مخاوف شديدة على الدين من تأثير الفلسفة والفكر العقلاني. بدأ الصراع بين مدارس "العقل والنقل".
أصبح التفكير العقلاني مرتبطًا بالخطر على العقيدة، مما جعل بعض العلماء يحجمون عن الخوض في الفلسفة أو العلوم الطبيعية خوفًا من القمع. هذه البيئة المشحونة أفضت إلى تراجع في الحراك العلمي مقارنة بالعصر الذهبي.
التوترات السياسية ودورها في تراجع العلم:
في العصر العباسي الأول:
كان الخلفاء يهتمون بدعم العلم والعلماء. ولكن مع مرور الوقت ، تغيرت أولويات السلطة. أصبح الخلفاء منشغلين بالصراعات الداخلية والخارجية، مما أدى إلى تقليص الدعم المقدم للعلماء.
أمثلة كثيرة لعلماء تم اضطهادهم بسبب النزاعات السياسية أمثال : الفيلسوف الكندي/ جابر ابن حيان/ ابن رشد/ ابن المقفع
بدأت الفلسفة تثير القلق مما إدى إلى تقسيم المعارف إلى "علوم شرعية" تُعنى بالدين والتفسير والفقه، و"علوم غير شرعية" مثل الفلسفة والعلوم الطبيعية التي كانت تُعتبر مشتبهًا فيها أو متأثرة بثقافات غير إسلامية.
في العصر العباسي الثاني :
لم يقتصر الخوف من العلم على العلوم التطبيقية والفلسفية فحسب، بل امتد أيضًا إلى العلوم الدينية. مما دفع السلطات إلى محاولة "تقييد وتنصيص" مساحة الاجتهاد في القضايا الدينية. أصبح هناك تركيز أكبر على تقليد العلماء السابقين بدلاً من التشجيع على الاجتهاد والإبداع. ولكن في المناطق البعيدة عن بغداد، حيث لم تكن السلطة المركزية قادرة على فرض رقابتها بشكل كامل، تمكن بعض العلماء من أصول غير عربية مثل الفارابي وابن سينا من الإنجاز والإبداع.
الضعف السياسي والعسكري في العصر العباسي الثاني:
تميزت الفترة بالاضطرابات السياسية والصراعات الداخلية التي أدت إلى ضعف نفوذ الخلفاء و تراجع سيطرة الدولة على الأقاليم البعيدة وعلى قيادات الجيش الذين جلبوا من قبائل ضخمة ممتدة من الصين إلى تركيا.
ازداد نفوذ الجيش وبدأ كل قائد في إنشاء دولته الخاصة.مثل الخوارزمية، السامانية، الأيوبية، الزنكية، والحمدانية في المشرق العربي وشمال أفريقيا. ومع أن هذه الدويلات كانت تتمتع بنوع من الاستقلالية، إلا أنها كانت تعاني من صراعات داخلية بينها، مما زاد من ضعف الدولة العباسية ككل.
وصل صدى ضعف الدولة العباسية إلى الأمم الأخرى..
في تلك الفترة كانت اوروبا تنتعش شيئا فشيئا . المحاربون يبحثون عن المناطق الاسهل اصطيادها. فبدأ ت الحملات الصليبية واجتاحت مناطق الشام ومصر. هجم المغول كذلك . واسقطوا الحكم في بغداد وأصبح المسلمين في ثلاثة أزمات كبرى :
-انقسام داخلي مرير واقتتال
-مغول قادمين يجتاحون المناطق واحدة تلو الأخرى.
-صليبين متمكنين
دور الدولة العثمانية
الدولة العثمانية كانت إحدى القوى التي نشأت على تخوم بيزنطة (إسطنبول الحالية).ثم شكلت جبهة قوية منعت تقدم الغرب إلى الأراضي الإسلامية.
في فترة ضعف المماليك، طلبوا من العثمانيين التدخل لمساعدتهم، وهو ما أدى إلى معركة الريدانية التي كانت حاسمة في تثبيت حكم العثمانيين في مصر.
تمكنت الدولة العثمانية من إعادة التوازن العسكري في المنطقة، خاصة في القرون الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر، حيث مثلت سدًا منيعًا ضد التوسع الغربي. لكن رغم هذا التوازن العسكري، لم تنجح الدولة العثمانية في معالجة المشاكل البنيوية في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي. مما أدى إلى ظهور نفس المشاكل التي واجهتها الدولة العباسية، ساهم في نهاية المطاف في تراجع قوتها وتفككها.
التاريح الاسلامي المعاصر :
اعتقد المسلمون في السبعينات أن سبب مشكلتنا الرئيسية هو الاستعمار المعاصر الذي بدأ مع حملة نابلين ولكن المشاكل بدأت من القرن الثامن الميلادي وليس القرن الثامن عشر. دخول الصليبيين . المغول. الاستعمار المعاصر كلها ثمار وليست اسباب
رحلة جديدة لاستعادة التوازن :
مرحلة الصدمة مع الجبرتي. ثم مرحلة الصحوة مع محمد علي باشا وجمال الدين الافغاني محمد عبده والكواكبي . حسن البنا الى مالك بن نبي . ثم حركات الاستقلال الوطني .
ثم برزت مشكلة الدولة المعاصرة الحالية كتطور لكل تلك الاحداث .حاملة لبذورالضعف التاريحي عندنا .
الخاتمة :
قاريء التاريخ يجب أن يقرأه كما هو لا كما يقال له. البيئة الاسلامية كات مشحونة بعوامل الضعف الداخلية.بتحليل هذه العوامل وفهم كيفية تأثيرها على الأحداث التاريخية، يمكن لصانع النهضة أن يحصل على رؤية أعمق وأكثر دقة لفهم تاريخ المسلمين
احالات لبعض المصادر المفيدة :
كتاب "الوجيز في التاريخ الاسلامي" ل محمد سهيل طقوش
كتاب "تاريخ بغداد" . للخطيب البغدادي
كتاب "السلف المتخيل" ل رائد السمهوري
اعداد: م. رباب قاسمو
المصدر: برنامج البناء الثقافي لقادة النهضة، الدكتور جاسم سلطان