تدبر مع هذه الاية من سورة الكهف : ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾[67]، ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَيٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِۦ خُبْراٗۖ﴾[68].
في وقت تشابك الأحداث وتداخلها نحتاج إلى العمق في التحليل الحكيم، والإحاطة بالموضوع في كل أبعاده، وتعد قصة الرجل الصالح وسيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والتسليم موردا للعبور إلى رؤية حكيمة متزنة، يقول البقاعي رحمه الله : "ولما كان من المعلوم شدة استشراف موسى عليه السلام إلى الوقوف في باطن هذه الأمور، قال مجيباً له عن هذا السؤال: {سأنبئك} يا موسى بوعد لا خلف فيه إنباء عظيماً {بتأويل} أي بترجيع {ما لم تستطع عليه صبراً} لمخالفته عندك الحكمة إلى الحكمة وهو أن عند تعارض الضررين يجب ارتكاب الأدنى لدفع الأقوى بشرط التحقق..."
وحين نتأمل قوله: "وأثبت تاء الاستفعال هنا وفيما قبله إعلاماً بأنه ما نفى إلا القدرة البليغة على الصبر"، ندرك أن المسألة ليست في أصل الصبر، بل في عمقه ومداه واستشرافه،
وتأتي آية الفراق ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ لتؤكد أن الرحلة المعرفية تحتاج إلى:
- قلب متواضع يقبل التعلم
-عقل منفتح على الاحتمالات
- نفس صابرة على ما يخالف مألوفها
وهكذا يتجلى لنا درس عظيم في:
- الارتقاء من النظرة السطحية إلى العمق،
- التحول من الحكم السريع إلى التأني والتدبر،
- الانتقال من ضيق الأفق إلى سعة الرؤية،
كتابة حسان الحميني